فصل: باب صلاة الجنائز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب صلاة الجنائز

ترجم للصلاة وأتى بأشياء زائدة عليها بعضها شروط كالغسل، وبعضها مقدمات كالتكفين والتوجيه والتلقين، وبعضها متممات كالدفن وأخرها لأنها ليست صلاة من كل وجه ولأنها تعلقت بآخر ما يعرض للحي، وهو الموت ولمناسبة خاصة بما قبلها، وهي أن الخوف والقتال قد يفضيان إلى الموت ‏(‏قوله لسببه‏)‏ هو الجنازة بالفتح يعني الميت ط ‏(‏قوله وبالكسر السرير‏)‏ قال الأزهري لا يسمى جنازة حتى يشد الميت عليه مكفنا إمداد ‏(‏قوله‏:‏ وقيل لغتان‏)‏ أي الكسر والفتح لغتان في الميت كما يفيده قول القاموس جنزه يجنزه ستره وجمعه والجنازة أي بالكسر الميت ويفتح أو بالكسر الميت وبالفتح السرير أو عكسه أو بالكسر السرير مع الميت ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله وقيل عدمية‏)‏ لأنه قطع مواد الحياة عن الحي والمقابلة عليه من مقابلة العدم والملكة وعلى الأول من مقابلة التضاد أفاده ط وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏خلق الموت والحياة‏}‏ ليس صريحا في الأول لأن الخلق يكون بمعنى الإيجاد وبمعنى التقدير والإعدام مقدرة فلذا ذهب أكثر المحققين إلى الثاني كما نقله في شرح العقائد ‏(‏قوله يوجه المحتضر‏)‏ بالبناء للمفعول فيهما أي يوجه وجه من حضره الموت أو ملائكته والمراد من قرب موته ‏(‏قوله وعلامته إلخ‏)‏ أي علامة الاحتضار كما في الفتح وزاد على ما هنا أن تمتد جلدة خصيتيه لانشمار الخصيتين بالموت ‏(‏قوله القبلة‏)‏ نصب على الظرفية لأنها بمعنى الجهة ‏(‏قوله وجاز الاستلقاء‏)‏ اختاره مشايخنا بما وراء النهر لأنه أيسر لخروج الروح وتعقبه في الفتح وغيره بأنه لا يعرف إلا نقلا والله أعلم بالأيسر منهما ولكنه أيسر لتغميضه وشد لحييه وأمنع من تقوس أعضائه بحر ‏(‏قوله ليتوجه للقبلة‏)‏ عبارة الفتح ليصير وجهه إلى القبلة دون السماء ‏(‏قوله ترك على حاله‏)‏ أي ولو لم يكن مستلقيا أو متوجها ‏(‏قوله والمرجوم لا يوجه‏)‏ لينظر وجهه وهل يقال كذلك فيمن أريد قتله لحد أو قصاص‏؟‏ لم أره

‏(‏قوله في جواهر الأرض‏)‏ الأوضح بقاع الأرض ط وفي القاموس‏:‏ الجوهر كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ومن الشيء ما وضعت عليه جبلته ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والآبار‏)‏ يوجد بعده في بعض النسخ زيادة‏:‏ ضرب عليها في بعضها وسقطت من بعضها أصلا، وهو الأولى‏.‏ ونصها‏:‏ والآبار التي لم تملك بالاستنباط والسعي‏.‏ وفي المستنبط بالسعي كالماء المحرز في الظرف، فملك للمحرز، والمستنبط وتمامه في شرح المصابيح في حديث‏:‏ «المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلإ والنار» ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ التي لم تملك إلخ مكرر بما بعده، وقوله‏:‏ وفي المستنبط أي المستخرج بالحفر‏.‏ الأوضح أن

مطلب في تلقين المحتضر الشهادة

‏(‏قوله ويلقن إلخ‏)‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجته من النار» ولقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» كذا في البرهان أي دخلها مع الفائزين، وإلا فكل مسلم، ولو فاسقا يدخلها ولو بعد طول عذاب إمداد ‏(‏قوله وقيل وجوبا‏)‏ في القنية وكذا في النهاية عن شرح الطحاوي‏:‏ الواجب على إخوانه وأصدقائه أن يلقنوه ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ لكنه تجوز لما في الدراية من أنه مستحب بالإجماع ا هـ‏.‏ فتنبه ‏(‏قوله بذكر الشهادتين‏)‏ قال في الإمداد‏:‏ وإنما اقتصرت على ذكر الشهادة تبعا للحديث الصحيح وإن قال في المستصفى وغيره ولقن الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول الله وتعليله في الدرر بأن الأولى لا تقبل بدون الثانية ليس على إطلاقه لأن ذلك في غير المؤمن ولهذا قال ابن حجر من الشافعية وقول جمع يلقن محمد رسول الله أيضا لأن القصد موته على الإسلام ولا يسمى مسلما إلا بهما مردود بأنه مسلم وإنما المراد ختم كلامه بلا إله إلا الله ليحصل له ذلك الثواب أما الكافر فيلقنها قطعا مع لفظ أشهد لوجوبه؛ إذ لا يصير مسلما إلا بهما ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقد يشير إليه تعبير الهداية والوقاية والنقاية والكنز بتلقين الشهادة‏.‏ وفي التتارخانية كان أبو حفص الحداد يلقن المريض بقوله‏:‏ أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، وكان يقول فيها معان‏:‏ أحدها توبة، والثاني توحيد، والثالث أن المريض ربما يفزع لأن الملقن رأى فيه علامة الموت ولعل أقرباء الميت يتأذون به ‏(‏قوله عنده‏)‏ متعلق بذكر ‏(‏قوله‏:‏ قبل الغرغرة‏)‏ لأنها تكون قرب كون الروح في الحلقوم وحينئذ لا يمكن النطق بهما ط وفي القاموس غرغر جاد بنفسه عند الموت‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكأنها مأخوذة من غرغر بالماء إذا أداره في حلقه فكأنه يدير روحه في حلقه‏.‏

مطلب في قبول توبة اليأس

‏(‏قوله واختلف في قبول توبة اليأس‏)‏ بالياء المثناة التحتية ضد الرجاء وقطع الأمل من الحياة أو بالموحدة التحتية والمراد به الشدة وأهوال الموت ويحتمل مد الهمزة على أنه اسم فاعل وإسكانها على المصدرية بتقدير مضاف ‏(‏قوله والمختار إلخ‏)‏ أقول‏:‏ قال في أواخر البزازية قيل‏:‏ توبة اليأس مقبولة لا إيمان اليأس، وقيل‏:‏ لا تقبل كإيمانه لأنه تعالى سوى بين من أخر التوبة إلى حضور الموت من الفسقة والكفار وبين من مات على الكفر في قوله‏:‏ ‏{‏وليست التوبة‏}‏ الآية - كما في الكشاف والبيضاوي والقرطبي، وفي الكبير للرازي قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع منه مشاهدة الأهوال التي يحصل العلم عندها على سبيل الاضطرار، فهذا كلام الحنفية والمالكية والشافعية من المعتزلة والسنية والأشاعرة أن توبة اليأس لا تقبل كإيمان اليأس بجامع عدم الاختيار، وخروج النفس من البدن، وعدم ركن التوبة وهو العزم بطريق التصميم على أن لا يعود في المستقبل إلى ما ارتكب وهذا لا يتحقق في توبة اليأس إن أريد باليأس معاينة أسباب الموت بحيث يعلم قطعا أن الموت يدركه لا محالة كما أخبر - تعالى - عنه بقوله‏:‏ ‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏ وقد ذكر في بعض الفتاوى أن توبة اليأس مقبولة، فإن أريد باليأس ما ذكرنا يرد عليه ما قلنا وإن أريد به القرب من الموت فلا كلام فيه، لكن الظاهر أن زمان اليأس زمان معاينة الهول والمسطور في الفتاوى أن توبة اليأس مقبولة لا إيمانه لأن الكافر أجنبي غير عارف بالله تعالى ويبدأ إيمانا وعرفانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء أسهل، والدليل على قبولها منه مطلقا إطلاق قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده‏}‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وظاهر آخر كلامه اختيار التفصيل وعزاه إلى مذهب الماتريدية الشيخ عبد السلام في شرح منظومة والده اللقاني وقال وعند الأشاعرة لا تقبل حال الغرغرة توبة ولا غيرها كما قال النووي‏.‏ ا هـ‏.‏ وانتصر للثاني المنلا على القارئ في شرحه على بدء الأمالي بإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» أخرجه أبو داود فإنه يشمل توبة المؤمن والكافر‏.‏ واعترض قول بعض الشراح أن التفصيل مختار أئمة بخارى من الحنفية وجمع من الشافعية كالسبكي والبلقيني بأنه على تقدير صحته يحتاج إلى ظهور حجته ا هـ‏.‏ والحاصل أن المسألة ظنية، وأما إيمان اليأس فلا يقبل اتفاقا وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام عليه في باب الردة ‏(‏قوله من غير أمره‏)‏ أي من غير أن يقول له قل فهو مصدر مضاف إلى مفعوله ‏(‏قوله لئلا يضجر‏)‏ أي ويردها درر ‏(‏قوله ويندب قراءة يس‏)‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «اقرءوا على موتاكم يس» صححه ابن حبان وقال المراد به من حضره الموت‏.‏ وروى أبو داود عن مجالد عن الشعبي قال‏:‏ كانت الأنصار إذا حضروا قرءوا عند الميت سورة البقرة إلا أن مجالدا مضعف حلية ‏(‏قوله‏:‏ والرعد‏)‏ هو استحسان بعض المتأخرين لقول جابر إنها تهون عليه خروج روحه إمداد‏.‏

مطلب في التلقين بعد الموت

‏(‏قوله‏:‏ ولا يلقن بعد تلحيده‏)‏ ذكر في المعراج أنه ظاهر الرواية ثم قال وفي الخبازية والكافي عن الشيخ الزاهد الصفار‏:‏ أن هذا على قول المعتزلة لأن الإحياء بعد الموت عندهم مستحيل أما عند أهل السنة فالحديث أي‏:‏ «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» محمول على حقيقته لأن الله تعالى يحييه على ما جاءت به الآثار وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «أنه أمر بالتلقين بعد الدفن فيقول‏:‏ يا فلان بن فلان اذكر دينك الذي كنت عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا»‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد أطال في الفتح في تأييد حمل موتاكم في الحديث على حقيقته مع التوفيق بين الأدلة على أن الميت يسمع أو لا كما سيأتي في باب اليمين في الضرب والقتل من كتاب الأيمان لكن قال في شرح المنية‏:‏ إن الجمهور على أن المراد منه مجازه ثم قال‏:‏ وإنما لا ينهى عن التلقين بعد الدفن لأنه لا ضرر فيه بل نفع فإن الميت يستأنس بالذكر على ما ورد في الآثار إلخ‏.‏ قلت‏:‏ وما في ط عن الزيلعي لم أره فيه وإنما الذي فيه قيل يلقن لظاهر ما رويناه وقيل‏:‏ لا، وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه ا هـ‏.‏ وظاهر استدلاله للأول اختياره فافهم‏.‏

مطلب في سؤال الملكين هل هو عام لكل أحد أو لا‏؟‏

‏(‏قوله ومن لا يسأل إلخ‏)‏ أشار إلى أن سؤال القبر لا يكون لكل أحد ويخالفه ما في السراج‏:‏ كل ذي روح من بني آدم يسأل في القبر بإجماع أهل السنة لكن يلقن الرضيع الملك، وقيل لا بل يلهمه الله تعالى كما ألهم عيسى في المهد ا هـ‏.‏ لكن في حكاية الإجماع نظر‏.‏ فقد ذكر الحافظ ابن عبد البر أن الآثار دلت على أنه لا يكون إلا لمؤمن أو منافق ممن كان منسوبا إلى أهل القبلة بظاهر الشهادة دون الكافر الجاحد وتعقبه ابن القيم لكن رد عليه الحافظ السيوطي وقال ما قاله ابن عبد البر هو الأرجح ولا أقول سواه‏.‏ ونقل العلقمي في شرحه على الجامع الصغير أن الراجح أيضا اختصاص السؤال بهذه الأمة خلافا لما استظهره ابن القيم ونقل أيضا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني أن الذي يظهر اختصاص السؤال بالمكلف، وقال وتبعه عليه شيخنا يعني الحافظ السيوطي‏.‏

مطلب ثمانية لا يسألون في قبورهم

ثم ذكر أن من لا يسأل ثمانية‏:‏ الشهيد، والمرابط، والمطعون، والميت زمن الطاعون بغيره إذا كان صابرا محتسبا، والصديق والأطفال، والميت يوم الجمعة أو ليلتها، والقارئ كل ليلة تبارك الملك وبعضهم ضم إليها السجدة والقارئ في مرض موته ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏ ا هـ‏.‏ وأشار الشارح إلى أنه يزاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم أولى من الصديقين ‏(‏قوله والأصح إلخ‏)‏ ذكره ابن الهمام في المسايرة ‏(‏قوله‏:‏ وتوقف الإمام إلخ‏)‏ أي في أنهم يسألون، وفي أنهم في الجنة أو النار قال ابن الهمام في المسايرة‏.‏

مطلب في أطفال المشركين

وقد اختلف في سؤال أطفال المشركين وفي دخولهم الجنة أو النار، فتردد فيهم أبو حنيفة وغيره وقد وردت فيهم أخبار متعارضة فالسبيل تفويض أمرهم إلى الله - تعالى‏.‏ وقال محمد بن الحسن‏:‏ اعلم أن الله لا يعذب أحدا بلا ذنب ا هـ‏.‏ وقال تلميذه ابن أبي شريف في شرحه وقد نقل الأمر بالإمساك عن الكلام في حكمهم في الآخرة مطلقا عن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير من رءوس التابعين وغيرهما وقد ضعف أبو البركات النسفي رواية التوقف عن أبي حنيفة وقال الرواية الصحيحة عنه أنهم في المشيئة لظاهر الحديث الصحيح‏:‏ «الله أعلم بما كانوا عاملين» وقد حكى فيهم الإمام النووي ثلاثة مذاهب الأكثر أنهم في النار، الثاني‏:‏ التوقف، الثالث‏:‏ الذي صححه أنهم في الجنة لحديث‏:‏ «كل مولود يولد على الفطرة» ويميل إليه ما مر عن محمد بن الحسن وفيهم أقوال أخر ضعيفة‏.‏ ا هـ‏.‏

قوله‏:‏ وتمامه في النهر‏)‏ حيث قال‏:‏ ويكره تمني الموت لضرر نزل به للنهي عن ذلك، فإن كان ولا بد فليقل‏:‏ اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي كذا في السراج‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وسيجيء في الحظر‏)‏ أي في كتاب الحظر والإباحة ويعبر عنه بكتاب الكراهة والاستحسان وسقط من أغلب النسخ لفظ في الحظر ‏(‏قوله ولذا اختار إلخ‏)‏ أي لكونه في حال زوال عقله يغتفر ما يصدر منه اختار بعضهم زوال عقله في ذلك الوقت مخافة أن يتكلم بذلك قصدا من ألم الموت ومن أن يدخل عليه الشيطان فإن ذلك الوقت وقت عروضه له ‏(‏قوله ذكره الكمال‏)‏ وقال أيضا‏:‏ وبعضهم اختاروا قيامه في حال الموت‏.‏ والعبد الضعيف مؤلف هذه الكلمات فوض أمره إلى الرب الغني الكريم متوكلا عليه طالبا منه جلت عظمته أن يرحم عظيم فاقتي بالموت على الإيمان والإيقان ‏{‏ومن يتوكل على الله فهو حسبه‏}‏ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏ ا هـ‏.‏ وإني العبد الذليل أقول مثل قوله مستعينا بقوة الله تعالى وحوله

‏(‏قوله لحياه‏)‏ تثنية لحي بفتح اللام فيهما، وهو منبت اللحية أو العظم الذي عليه الأسنان بحر ‏(‏قوله تحسينا له‏)‏ إذ لو ترك فظع منظره ولئلا يدخل فاه الهوام والماء عند غسله إمداد ‏(‏قوله ثم تمد أعضاؤه‏)‏ أي لئلا يبقى مقوسا كما في شرح المنية وفي الإمداد وتلين مفاصله وأصابعه بأن يرد ساعده لعضده وساقه لفخذه وفخذه لبطنه ويردها ملينة ليسهل غسله وإدراجه في الكفن ‏(‏قوله ويوضع إلخ‏)‏ يخالف ما مر من أن توجيهه على يمينه هو السنة لأن هذا الوضع لا يكون إلا مع الاستلقاء إلا أن يقال‏:‏ إن ذاك عند الاحتضار إلى خروج الروح وهذا بعده ‏(‏قوله لئلا ينتفخ‏)‏ لأن الحديد يدفع النفخ لسر فيه وإن لم يوجد فيوضع شيء ثقيل إمداد ‏(‏قوله ويخرج من عنده إلخ‏)‏ في النهر وينبغي إخراج الحائض إلخ وفي نور الإيضاح واختلف في إخراج الحائض إلخ ‏(‏قوله ويعلم به جيرانه إلخ‏)‏ قال في النهاية فإن كان عالما أو زاهدا أو ممن يتبرك به فقد استحسن بعض المتأخرين النداء في الأسواق لجنازته وهو الأصح ا هـ‏.‏ ولكن لا يكون على جهة التفخيم وتمامه في الإمداد ‏(‏قوله ويسرع في جهازه‏)‏ لما رواه أبو داود‏:‏ «عنه صلى الله عليه وسلم لما عاد طلحة بن البراء وانصرف قال ما أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فإذا مات فآذنوني حتى أصلي عليه وعجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» والصارف عن وجوب التعجيل الاحتياط للروح الشريفة فإنه يحتمل الإغماء‏.‏ وقد قال الأطباء‏:‏ إن كثيرين ممن يموتون بالسكتة ظاهرا يدفنون أحياء لأنه يعسر إدراك الموت الحقيقي بها إلا على أفاضل الأطباء فيتعين التأخير فيها إلى ظهور اليقين بنحو التغير إمداد؛ وفي الجوهرة وإن مات فجأة ترك حتى يتيقن بموته‏.‏

مطلب في القراءة عند الميت

‏(‏قوله ويقرأ عنده القرآن إلخ‏)‏ في بعض النسخ ولا يقرأ بلا والصواب إسقاطها لأني لم أرها في نسختين من القهستاني ولا في النتف ولا في البحر، نعم بذكرها لا يبقى مخالفة بين ما في النتف وما في الزيلعي، ولا يحتاج إلى تفسير صاحب البحر برفع الروح فافهم والأنسب ذكر هذا البحث عند قول المصنف الآتي قريبا وكره قراءة قرآن عنده ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ أقول راجعت النتف فرأيت فيها كما نقله القهستاني فالظاهر أن قوله إلى الغسل سقط من نسخة صاحب البحر وتبعه الشارح بلا مراجعة لعبارة النتف نعم في شرح درر البحار وقرئ عنده القرآن إلى أن يرفع ا هـ‏.‏ ومثله في المعراج عن المنتقى لكن قال عقبه أصحابنا كرهوا القراءة بعد موته حتى يغسل فأفاد حمل ما في المنتقى على ما قبل الموت أن المراد بالرفع رفع الروح والله أعلم ‏(‏قوله قيل نجاسة خبث‏)‏ لأن الآدمي حيوان دموي فيتنجس بالموت كسائر الحيوانات وهو قول عامة المشايخ وهو الأظهر بدائع وصححه في الكافي‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده إطلاق محمد نجاسة غسالته وكذا قولهم لو وقع في بئر قبل غسله نجسها وكذا لو حمل ميتا قبل غسله وصلى به لم تصح صلاته، وعليه فإنما يطهر بالغسل كرامة للمسلم، ولذا لو كان كافرا نجس البئر ولو بعد غسله كما قدمنا ذلك كله في الطهارة ‏(‏قوله‏:‏ وقيل حدث‏)‏ يؤيده ما ذكره في البحر من كتاب الطهارة أن الأصح كون غسالته مستعملة، وأن محمدا أطلق نجاستها لأنها لا تخلو من النجاسة غالبا‏.‏ قلت‏:‏ لكن ينافيه ما مر من الفروع إلا أن يقال ببنائها على قول العامة‏.‏ قال في فتح القدير‏:‏ وقد روي في حديث أبي هريرة‏:‏ «سبحان الله إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا» فإن صحت وجب ترجيح أنه للحدث‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في الحلية‏:‏ وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم لا ينجس حيا أو ميتا» وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم فيترجح القول بأنه حدث ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويظهر لي إمكان الوجوب بأن المراد بنفي النجاسة عن المسلم في الحديث النجاسة الدائمة فيكون احترازا عن الكافر فإن نجاسته دائمة لا تزول بغسله، ويؤيد ذلك أنه لو كان المراد نفي النجاسة مطلقا لزم أنه لو أصابته نجاسة خارجية لا ينجس مع أنه خلاف الواقع فتعين ما قلنا وحينئذ فليس في الحديث دلالة على أن المراد بنجاسته نجاسة حدث فتأمل‏.‏ ذلك بإنصاف ‏(‏قوله كقراءة المحدث‏)‏ فإنه إذا جاز للمحدث حدثا أصغر القراءة فجوازها عند الميت المحدث بالأولى لكن كان المناسب أن يقول كالقراءة عند الجنب لأن حدث الموت موجب للغسل فهو أشبه بالجنابة وإن لم يكن جنابة بدليل أنهم ذكروا أن حدثه بسبب استرخاء المفاصل وزوال العقل قبل الموت فكان ينبغي اقتصاره على أعضاء الوضوء لكن القياس في حدث الحي غسل جميع البدن واقتصر على الأعضاء للحرج لتكرره كل يوم بخلاف الجنابة، والموت شبيه بالجنابة في أنه لا يتكرر فأخذوا بالقياس فيه لأنه لا يتكرر فلا حرج في غسل جميع البدن‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

الحاصل أن الموت إن كان حدثا فلا كراهة في القراءة عنده، وإن كان نجسا كرهت، وعلى الأول يحمل ما في النتف وعلى الثاني ما في الزيلعي وغيره‏.‏ وذكر ط أن محل الكراهة إذا كان قريبا منه، أما إذا بعد عنه بالقراءة فلا كراهة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن هذا أيضا إذا لم يكن الميت مسجى بثوب يستر جميع بدنه لأنه لو صلى فوق نجاسة على حائل من ثوب أو حصير لا يكره فيما يظهر فكذا إذا قرأ عند نجاسة مستورة وكذا ينبغي تقييد الكراهة بما إذا قرأ جهرا قال في الخانية‏:‏ وتكره قراءة القرآن في موضع النجاسة كالمغتسل والمخرج والمسلخ وما أشبه ذلك، وأما في الحمام فإن لم يكن فيه أحد مكشوف العورة وكان الحمام طاهرا لا بأس بأن يرفع صوته بالقراءة، وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه ولا يرفع صوته فلا بأس به ولا بأس بالتسبيح والتهليل وإن رفع صوته ا هـ‏.‏ وفي القنية لا بأس بالقراءة راكبا أو ماشيا إذا لم يكن ذلك الموضع معدا للنجاسة فإن كان يكره ا هـ‏.‏ وفيها لا بأس بالصلاة حذاء البالوعة إذا لم تكن بقربه‏.‏ ا هـ‏.‏ فتحصل من هذا أن الموضع إن كان معدا للنجاسة كالمخرج والمسلخ كرهت القراءة مطلقا، وإلا فإن لم يكن هناك نجاسة ولا أحد مكشوف العورة فلا كراهة مطلقا وإن كان فإنه يكره رفع الصوت فقط إن كانت النجاسة قريبة فتأمل‏.‏

‏(‏قوله كما مات‏)‏ هذه الكاف الداخلة على ما تسمى كاف المبادرة مثل‏:‏ سلم كما تدخل كما في المغني أي أنه يوضع على السرير عقب تيقن موته وقيده القدوري بما إذا أرادوا غسله، والأول أشبه كما في الزيلعي ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل يوضع إلى القبلة طولا، وقيل‏:‏ عرضا كما في القبر أفاده في البحر ‏(‏قوله مجمر‏)‏ أي‏:‏ مبخر، وفيه إشارة إلى أن السرير يجمر قبل وضعه عليه تعظيما وإزالة للرائحة الكريهة منه نهر ‏(‏قوله إلى سبع فقط‏)‏ أي بأن تدار المجمرة حول السرير مرة أو ثلاثا أو خمسا أو سبعا، ولا يزاد عليها كما في الفتح والكافي والنهاية، وفي التبيين لا يزاد على خمسة ‏(‏قوله ككفنه‏)‏ فإنه يجمر وترا أيضا ط ‏(‏قوله‏:‏ وعند موته‏)‏ أفاده بقوله سابقا‏:‏ ويحضر عنده الطيب ط ‏(‏قوله‏:‏ فهي ثلاث إلخ‏)‏ قال في الفتح وجميع ما يجمر فيه الميت ثلاث عند خروج روحه لإزالة الرائحة الكريهة، وعند غسله وعند تكفينه، ولا يجمر خلفه، ولا في القبر، لما روي‏:‏ «لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار» ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عبارة الزيلعي إلخ‏)‏ أشار بنقل العبارتين إلى أن قول المصنف إلى تمام غسله غير قيد لأنه يطهر بغسله مرة فلا يتوقف على التمام فافهم ‏(‏قوله وتستر عورته الغليظة فقط‏)‏ أي القبل والدبر، وعللوه بأنه أيسر وببطلان الشهوة والظاهر أنه بيان للواجب بمعنى أن لا يأثم بذلك لا لكون المطلوب الاقتصار على ذلك تأمل ‏(‏قوله صححه الزيلعي وغيره‏)‏ والأول صححه في الهداية وغيرها لكن قال في شرح المنية أن الثاني هو المأخوذ به «لقوله عليه الصلاة والسلام لعلي لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» لأن ما كان عورة لا يسقط بالموت؛ ولذا لا يجوز مسه، حتى لو ماتت بين رجال أجانب يممها رجل بخرقة ولا يمسها إلخ، وفي الشرنبلالية، وهذا شامل للمرأة والرجل؛ لأن عورة المرأة للمرأة كالرجل للرجل ‏(‏قوله مثلها‏)‏ ليس بقيد فالمراد ما يمنع المس ط ‏(‏قوله لحرمة اللمس كالنظر‏)‏ يفيد هذا التعليل أن الصغير الذي لا عورة له لا يضر عدم ستره ط

‏(‏قوله ويجرد من ثيابه‏)‏ ليمكنهم التنظيف لأن المقصود من الغسل هو التطهير لا يحصل مع ثيابه لأن الثوب متى تنجس بالغسالة تنجس به بدنه ثانيا بنجاسة الثوب فلا يفيد الغسل فيجب التجريد كذا في العناية، وظاهره أن الوجوب على ظاهره ‏(‏قوله كما مات‏)‏ لأن الثياب تحمى عليه فيسرع إليه التغير بحر ‏(‏قوله من خواصه‏)‏ لما روى أبو داود‏:‏ «أنهم قالوا نجرده كما نجرد موتانا أم نغسله في ثيابه فسمعوا من ناحية البيت اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه» قال ابن عبد البر‏:‏ روي ذلك عن عائشة من وجه صحيح فدل هذا أن عادتهم كانت تجريد موتاهم للغسل في زمنه صلى الله عليه وسلم شرح المنية زاد في المعراج‏:‏ وغسله صلى الله عليه وسلم ليس للتطهير لأنه صلى الله عليه وسلم كان طاهرا حيا وميتا ‏(‏قوله ويوضأ من يؤمر بالصلاة‏)‏ خرج الصبي الذي لم يعقل لأنه لم يكن بحيث يصلي قال الحلواني وهذا التوجيه ليس بقوي؛ إذ يقال‏:‏ إن هذا الوضوء سنة الغسل المفروض للميت لا تعلق لكون الميت بحيث يصلي أو لا كما في المجنون شرح المنية ومقتضاه أنه لا كلام في أن المجنون يوضأ، وأن الصبي الذي لا يعقل الصلاة يوضأ أيضا على خلاف ما يقتضيه توجيه الحلواني من أنهما لا يوضآن ‏(‏قوله للحرج‏)‏ إذ لا يمكن إخراج الماء، أو يعسر فيتركان زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ بخرقة‏)‏ أي يجعلها الغاسل في أصبعه يمسح بها أسنانه ولهاته ولثته ويدخلها منخره أيضا بحر ‏(‏قوله وعليه العمل اليوم‏)‏ قائله شمس الأئمة الحلواني كما في الإمداد عن التتارخانية ‏(‏قوله‏:‏ ولو كان جنبا إلخ‏)‏ نقل أبو السعود عن شرح الكنز للشلبي أن ما ذكره الخلخالي أي في شرح القدوري من أن الجنب يمضمض ويستنشق غريب مخالف لعامة الكتب‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقال الرملي أيضا في حاشية البحر‏:‏ إطلاق المتون والشروح والفتاوى يشمل من مات جنبا ولم أر من صرح به لكن الإطلاق يدخله، والعلة تقتضيه ا هـ‏.‏ وما نقله أبو السعود عن الزيلعي من قوله‏:‏ بلا مضمضة واستنشاق ولو جنبا صريح في ذلك لكني لم أره في الزيلعي ‏(‏قوله اتفاقا‏)‏ لم أجده في الإمداد ولا في شرح المقدسي ‏(‏قوله ويبدأ بوجهه‏)‏ أي لا يغسل يديه أولا إلى الرسغين كالجنب لأن الجنب يغسل نفسه بيديه فيحتاج إلى تنظيفهما أولا والميت يغسل بيد الغاسل ‏(‏قوله ويمسح رأسه‏)‏ أي في الوضوء، وهو ظاهر الرواية كالجنب بحر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لم يذكر الاستنجاء للاختلاف فيه‏.‏ فعندهما يستنجى، وعند أبي يوسف لا‏.‏ وصورته أن يلف الغاسل على يده خرقة، ويغسل السوأة لأن مسها حرام كالنظر جوهرة ‏(‏قوله مغلى‏)‏ بضم الميم اسم مفعول من الإغلاء لا من الغلي والغليان لأنه لازم واسم المفعول إنما يبنى من المتعدي ح وإنما طلب تسخينه مبالغة في التنظيف ‏(‏قوله ورق النبق‏)‏ بفتح النون وكسرها وبسكون الباء الموحدة وككتف كما يعلم من القاموس‏.‏ وفي التذكرة السدر شجر معروف وثمره هو النبق وسحيق ورقه يلحم الجراح ويقلع الأوساخ وينقي البشرة وينعمها ويشد الشعر‏.‏ ومن خواصه أنه يطرد الهوام ويشد العصب ويمنع الميت من البلاء‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي القاموس أيضا النبق‏:‏ حمل السدر، وبه علم أن السدر هو الشجر والنبق الثمر فإضافة الورق إلى النبق لأدنى ملابسة وتفسير السدر بالورق بيان للمراد منه فالأحسن في التعبير قول المعراج‏:‏ السدر شجرة النبق، والمراد ورقه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فسكون‏)‏ في الشرنبلالية‏:‏ أنه يجوز في الراء السكون والضم كما في الصحاح ‏(‏قوله‏:‏ الأشنان‏)‏ بضم الهمزة وكسرها كما في القاموس وقيده الكمال وغيره بغير المطحون ‏(‏قوله‏:‏ وإلا فماء خالص مغلى‏)‏ أي إغلاء وسطا لأن الميت يتأذى بما يتأذى به الحي ط وأفاد كلامه أن الحار أفضل سواء كان عليه وسخ أو لا نهر ‏(‏قوله بالخطمي‏)‏ في المصباح أنه مشدد الياء وكسر الخاء أكثر من الفتح ‏(‏قوله نبت بالعراق‏)‏ طيب الرائحة يعمل عمل الصابون نهر ‏(‏قوله هذا إلخ‏)‏ الإشارة إلى قوله ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي إلخ

‏(‏قوله‏:‏ ويضجع إلخ‏)‏ هذا أول الغسل المرتب، وأما قوله‏:‏ وصب عليه ماء مغلى إلخ وقوله وإلا فالقراح وقوله وغسل رأسه بالخطمي يفعل قبل الترتيب الآتي، وعبارة الشرنبلالية‏:‏ ويفعل هذا قبل الترتيب الآتي ليبتل ما عليه من الدرن‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏ قلت‏:‏ لكن صريح البحر والنهر وغيرهما أن قوله وصب عليه ماء مغلى إلخ ليس خارجا عن هذه الغسلات الثلاث الآتية بل هو إجمال لبيان كيفية الماء‏:‏ أي لبيان الماء الذي يغسل به، وهو كونه مغلى بسدر لا باردا ولا قراحا، وكذا قال في الفتح وإذا فرغ من الوضوء غسل رأسه ولحيته بالخطمي ثم يضجعه إلخ ومثله في الجوهرة‏.‏ نعم اختلفوا في شيء وهو أنه في الهداية لم يفصل في الغسلات بين القراح وغيره وهو ظاهر كلام الحاكم وذكر شيخ الإسلام أن الأولى بالقراح أي الماء الخالص، والثانية بالمغلى فيه سدر، والثالثة بالذي به كافور قال في الفتح والأولى كون الأوليين بالسدر كما هو ظاهر الهداية لما في أبي داود بسند صحيح ‏"‏ أن أم عطية تغسل بالسدر مرتين والثالث بالماء والكافور ‏"‏ ‏(‏قوله إلى ما يلي التخت منه‏)‏ بالخاء المعجمة أي السرير ومنه بيان لما، والمراد به الجانب الأسفل وكأنه لم يصرح به لئلا يتوهم أن المراد به جانب الرجلين وجوز العيني التحت بالحاء المهملة ولا يظهر من جهة المعنى والإعراب كما لا يخفى ‏(‏قوله كذلك‏)‏ بأن يغسله إلى أن يصل الماء إلى ما يلي التخت منه وهو الجانب الأيسر وهذه غسلة ثانية كما في الفتح و البحر‏.‏ وأفاد أنه لا يكب على وجهه ليغسل ظهره كما في شرح المنية عن غاية السروجي ‏(‏قوله رفيقا‏)‏ أي مسحا برفق ‏(‏قوله وما خرج منه يغسله‏)‏ أي تنظيفا له بحر‏.‏ قال الرملي‏:‏ أي لا شرطا حتى لو صلي عليه من غير غسله جاز، وهذا مما لا يتوقف فيه ا هـ‏.‏ وفي الأحكام عن المحيط يمسح ما سال ويكفن‏.‏ وفي كتاب الصلاة للحسن إذا سال قبل أن يكفن غسل وبعده لا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي تمامه في بحث الصلاة عليه ‏(‏قوله ليحصل المسنون‏)‏ وهو تثليث الغسلات المستوعبات جسده إمداد ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من قوله ليحصل المسنون ط ‏(‏قوله وإن زاد‏)‏ أي عند الحاجة لكن ينبغي أن يكون وترا ذكره في شرح مختصر الكرخي شرح المنية ‏(‏قوله جاز‏)‏ أي صح وكره بلا حاجة لأنه إسراف أو تقتير ‏(‏قوله ولا يعاد غسله‏)‏ بضم الغين قيل، وبالفتح أيضا، وقيل إن أضيف إلى المغسول أي كالثوب مثلا فتح وإلى غيره ضم نهر ‏(‏قوله لبقائه بالموت‏)‏ أي لأن الموت حدث كالخارج فلما لم يؤثر الموت في الوضوء وهو موجود لم يؤثر الخارج بحر ولأنه خرج عن التكليف بنقض الطهارة شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ بل لتنجسه بالموت‏)‏ قدمنا الكلام فيه قريبا ‏(‏قوله‏:‏ وقد حصل‏)‏ أي الغسل وبطرو النجاسة بعده لا يعاد بل يغسل موضعها

‏(‏قوله وينشف في ثوب‏)‏ أي كي لا تبتل أكفانه وهو طاهر كالمنديل الذي يمسح به الحي بحر ‏(‏قوله ندبا‏)‏ راجع إلى قوله ويجعل والأولى ذكره بلصقه ط ‏(‏قوله على مساجده‏)‏ مواضع سجوده جمع مسجد بالفتح لا غيره وهو الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان فتح وسواء فيه المحرم وغيره فيطيب ويغطى رأسه إمداد عن التتارخانية ‏(‏قوله كرامة لها‏)‏ فإنه كان يسجد بهذه الأعضاء فتختص بزيادة كرامة، وصيانة لها عن سرعة الفساد درر

‏(‏قوله‏:‏ أي يكره تحريما‏)‏ لما في القنية من أن التزيين بعد موتها والامتشاط وقطع الشعر لا يجوز نهر، فلو قطع ظفره أو شعره أدرج معه في الكفن قهستاني عن العتابي ‏(‏قوله‏:‏ ولا بأس إلخ‏)‏ كذا في الزيلعي وأشار إلى أن تركه أولى قال في الفتح‏:‏ وليس في الغسل استعمال القطن في الروايات الظاهرة‏.‏ وعن أبي حنيفة أنه يجعل في منخريه وفمه، وقال بعضهم في صماخه أيضا، وقال بعضهم‏:‏ في دبره أيضا قال في الظهيرية‏:‏ واستقبحه عامة العلماء ا هـ‏.‏ لكن في الحلية أنه منقول عن الشافعي وأبي حنيفة فإطلاق أنه قبيح ليس بصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ويمنع زوجها إلخ‏)‏ أشار إلى ما في البحر من أن من شرط الغاسل أن يحل له النظر إلى المغسول فلا يغسل الرجل المرأة وبالعكس‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي ما إذا ماتت المرأة بين رجال أو بالعكس والظاهر أن هذا شرط لوجوب الغسل أو لجوازه لا لصحته ‏(‏قوله لا من النظر إليهما على الأصح‏)‏ عزاه في المنح إلى القنية، ونقل عن الخانية أنه إذا كان للمرأة محرم يممها بيده وأما الأجنبي فبخرقة على يده ويغض بصره عن ذراعها وكذا الرجل في امرأته إلا في غض البصر ا هـ‏.‏ ولعل وجهه أن النظر أخف من المس فجاز لشبهة الاختلاف والله أعلم ‏(‏قوله قلنا إلخ‏)‏ قال في شرح المجمع لمصنفه فاطمة رضي الله تعالى عنها غسلتها أم أيمن حاضنته صلى الله عليه وسلم ورضي عنها فتحمل رواية الغسل لعلي رضي الله تعالى عنه على معنى التهيئة والقيام التام بأسبابه، ولئن ثبتت الرواية فهو مختص به، ألا ترى «أن ابن مسعود رضي الله عنه لما اعترض عليه بذلك أجابه بقوله‏:‏ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ إن فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة» فادعاؤه الخصوصية دليل على أن المذهب عندهم عدم الجواز ا هـ‏.‏

مطلب في حديث‏:‏ «كل سبب ونسب منقطع إلا سببي ونسبي»

قلت‏:‏ ويدل على الخصوصية أيضا الحديث الذي ذكره الشارح وفسر بعضهم السبب فيه بالإسلام والتقوى، والنسب بالانتساب ولو بالمصاهرة والرضاع، ويظهر لي أن الأولى كون المراد بالسبب القرابة السببية كالزوجية والمصاهرة وبالنسب القرابة النسبية لأن سببية الإسلام والتقوى لا تنقطع عن أحد فبقيت الخصوصية في سببه ونسبه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه‏:‏ فتزوجت أم كلثوم بنت علي لذلك‏.‏ وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلا أنساب بينهم‏}‏ فهو مخصوص بغير نسبه صلى الله عليه وسلم النافع في الدنيا والآخرة، وأما حديث‏:‏ «لا أغني عنكم من الله شيئا» أي أنه لا يملك ذلك إلا إن ملكه الله تعالى فإنه ينفع الأجانب بشفاعته لهم بإذن الله تعالى فكذا الأقارب وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا ‏[‏العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر‏]‏ ‏(‏قوله وهي لا تمنع من ذلك‏)‏ أي من تغسيل زوجها دخل بها أو لا كما في المعراج ومثله في البحر عن المجتبى‏.‏ قلت‏:‏ أي لأنها تلزمها عدة الوفاة، ولو لم يدخل بها، وفي البدائع‏:‏ المرأة تغسل زوجها؛ لأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح، فتبقى ما بقي النكاح، والنكاح بعد الموت باق إلى أن تنقضي العدة بخلاف ما إذا ماتت فلا يغسلها لانتهاء ملك النكاح لعدم المحل فصار أجنبيا، وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج، فإن ثبتت بأن طلقها بائنا، أو ثلاثا ثم مات لا تغسله لارتفاع الملك بالإبانة إلخ‏.‏ ‏(‏قوله ولو ذمية‏)‏ الأولى، ولو كتابية للاحتراز عن المجوسية إذا أسلم زوجها فمات لا تغسله كما في البحر إلا إذا أسلمت كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ بشرط بقاء الزوجية‏)‏ أي إلى وقت الغسل، ويأتي محترزه ‏(‏قوله فلا يغسلونه‏)‏ تبع فيه النهر والصواب يغسلنه ط، وهو كذلك في بعض النسخ، ووجه ذلك أن أم الولد لا يبقى فيها الملك ببقاء العدة لأن الملك فيها يمين، وهي تعتق بموته، والحرية تنافي ملك اليمين، بخلاف المنكوحة المعتدة فإن حريتها لا تنافي ملك النكاح حال الحياة، وأما المدبرة فلأنها تعتق ولا عدة عليها فلا تغسله بالأولى وكذا الأمة لأنها زالت عن ملكه بالموت إلى الورثة ولا يباح لأمة الغير مس عورته بدائع ملخصا، وأما المكاتبة فلأنها صارت بعقد الكتابة حرة يدا حالا، ورقبة مآلا أي عند الأداء ولذا حرم عليه وطؤها في حياته وغرم عقرها كما يأتي في بابه إن شاء الله - تعالى ‏(‏قوله‏:‏ ولا يغسلهن‏)‏ لأن الملك يبطل بموت محله ‏(‏قوله في الزوجية‏)‏ لم يظهر وجه في تقدير الشارح الزوجية كما قال ح‏:‏ وقال ط‏:‏ صوابه في الزوجة لأن الصلاحية للزوجة لا للزوجية ا هـ‏.‏ والأحسن التعبير بما في المعراج والبحر وغيرهما، وهو أنه يشترط بقاء الزوجية عند الغسل، وبه يظهر التفريع بما زاده الشارح ‏(‏قوله‏:‏ ولو بانت قبل موته‏)‏ أي بأي سبب من الأسباب بردتها أو بتمكينها ابنه أو طلاق فإنها لا تغسله وإن كانت في العدة فتح أي لعدم بقاء الزوجية عند الغسل، ولا عند الموت‏.‏ واحترز عما لو طلقها رجعيا ثم مات في عدتها فإنها تغسله لأنه لا يزيل ملك النكاح بدائع ‏(‏قوله بعده‏)‏ أي بعد موته ‏(‏قوله لزوال النكاح‏)‏ لأن النكاح كان قائما بعد الموت فارتفع بالردة وبالمس بشهوة الموجب تحريم الممسوسة على أصول الماس وفروعه، ولو كان المعتبر بقاء الزوجية حالة الموت كما قال به زفر لجاز لها تغسيله ‏(‏قوله وجاز لها إلخ‏)‏ الأولى في حل التركيب أن يقول‏:‏ وجاز لامرأة المجوسي تغسيله لو أسلم إلخ ح ‏(‏قوله اعتبارا بحالة الحياة‏)‏ فإنه لو أسلمت بعده وكان حيا يبقى النكاح ويحل المس فكذا إذا أسلمت بعد موته

‏(‏قوله ولو بلا رأس‏)‏ وكذا يغسل لو وجد النصف مع الرأس بحر

‏(‏قوله لتعينه عليه‏)‏ أي لأنه صار واجبا عليه عينا، ولا يجوز أخذ الأجرة على الطاعة كالمعصية، وفيه أن أخذ الأجرة على الطاعة لا يجوز مطلقا عند المتقدمين، وأجاز المتأخرون على تعليم القرآن والأذان والإمامة للضرورة كما بين في محله، ومقتضاه عدم الجواز هنا، وإن وجد غيره لأنه طاعة تعين أو لا ولا يختص عدم الجواز بالواجب، نعم الاستئجار على الواجب غير جائز اتفاقا كما صرح به القهستاني في الإجارات، وعبارة الفتح ولا يجوز الاستئجار على غسل الميت ويجوز على الحمل والدفن وأجازه بعضهم في الغسل أيضا ا هـ‏.‏ فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ ولذا‏)‏ أي لكون النية ليست شرطا لصحة الطهارة بل شرط لإسقاط الفرض عن المكلفين ‏(‏قوله‏:‏ فلا بد‏)‏ أي في تحصيل الغسل المسنون، وإلا فالشرط مرة، وكأنه يشير بلا بد إلى أنه بوجوده في الماء لم يسقط غسله المسنون فضلا عن الشرط تأمل ‏(‏قوله وتعليله‏)‏ أي تعليل الفتح بقوله لأنا أمرنا إلخ أي ولم يقل في التعليل لأنه لم يطهر ط‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

اعلم أن حاصل الكلام في المقام أنه قال في التجنيس‏:‏ ولا بد من النية في غسله في الظاهر‏.‏ وفي الخانية‏:‏ إذا جرى الماء على الميت، أو أصابه المطر عن أبي يوسف أنه لا ينوب عن الغسل لأنا أمرنا بالغسل، وذلك ليس بغسل وفي النهاية والكفاية وغيرهما أنه لا بد منه إلا أن يحركه بنية الغسل، وقال في العناية‏:‏ وفيه نظر لأن الماء مزيل بطبعه وكما لا تجب النية في غسل الحي فكذا الميت؛ ولذا قال في الخانية‏:‏ ميت غسله أهله من غير نية الغسل أجزأهم ذلك ا هـ‏.‏ وصرح في التجريد والإسبيجابي والمفتاح بعدم اشتراطها أيضا ووفق في فتح القدير بقوله‏:‏ الظاهر اشتراطها فيه لإسقاط وجوبه عن المكلف لا لتحصيل طهارته هو وشرط صحة الصلاة عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ وبحث فيه شارح المنية بأن ما مر عن أبي يوسف يفيد أن الفرض فعل الغسل منا، حتى لو غسله لتعليم الغير كفى وليس فيه ما يفيد اشتراط النية لإسقاط الوجوب بحيث يستحق العقاب بتركها‏.‏ وقد تقرر في الأصول أن ما وجب لغيره من الأفعال الحسية يشترط وجوده لا إيجاده كالسعي والطهارة نعم لا ينال ثواب العبادة بدونها ا هـ‏.‏ وأقره الباقاني وأيده بما في المحيط لو وجد الميت في الماء لا بد من غسله لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ولم يوجد منهم فعل‏.‏ ا هـ‏.‏ فتلخص‏:‏ أنه لا بد في إسقاط الفرض من الفعل، وأما النية فشرط التحصيل الثواب؛ ولذا صح تغسيل الذمية زوجها المسلم مع أن النية شرطها الإسلام فيسقط الفرض عنا بفعلنا بدون نية، وهو المتبادر من قول الخانية أجزأهم ذلك‏.‏ بقي قول المحيط لأن الخطاب يتوجه إلى بني آدم ظاهره أنه لا يسقط بفعل الملك‏.‏ ويرد عليه قصة حنظلة غسيل الملائكة‏.‏ وقد قال‏:‏ إن فعلهم ذلك كان بطريق النيابة تأمل وسيأتي تحقيقه في باب الشهيد‏.‏ هذا وقد صرح في أحكام الصغار بأن الصبي إذا غسل الميت جاز ا هـ‏.‏ ومثله ما سنذكره عن البدائع أنه لو ماتت امرأة من بين رجال ومعهم صبي غير مشته علموه الغسل ليغسلها وبه علم أن البلوغ غير شرط ‏(‏قوله وفي الاختيار إلخ‏)‏ استفيد منه أنه شريعة قديمة، وأنه يسقط وإن لم يكن الغاسل مكلفا؛ ولذا لم يعد أولاد أبينا آدم عليه السلام غسله ط‏.‏

‏(‏قوله فإن في دارنا إلخ‏)‏ أفاد بذكر التفصيل في المكان بعد انتفاء العلامة أن العلامة مقدمة وعند فقدها يعتبر المكان في الصحيح لأنه يحصل به غلبة الظن كما في النهر عن البدائع‏.‏ وفيها أن علامة المسلمين أربعة الختان والخضاب ولبس السواد وحلق العانة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ في زماننا لبس السواد لم يبق علامة للمسلمين ‏(‏قوله اعتبر الأكثر‏)‏ أي في الصلاة بقرينة قوله في الاستواء واختلف في الصلاة عليهم‏.‏ قال في الحلية‏:‏ فإن كان بالمسلمين علامة فلا إشكال في إجراء أحكام المسلمين عليهم وإلا فلو المسلمون أكثر صلى عليهم وينوي بالدعاء المسلمين، ولو الكفار أكثر‏.‏ ففي شرح مختصر الطحاوي للإسبيجابي لا يصلى عليهم لكن يغسلون ويكفنون ويدفنون في مقابر المشركين ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وكيفية العلم بالأكثر أن يحصي عدد المسلمين ويعلم ما ذهب منهم، ويعد الموتى فيظهر الحال ‏(‏قوله‏:‏ واختلف في الصلاة عليهم‏)‏ فقيل لا يصلي لأن ترك الصلاة على المسلم مشروع في الجملة كالبغاة وقطاع الطريق فكان أولى من الصلاة على الكافر لأنها غير مشروعة ‏{‏ولا تصل على أحد منهم مات أبدا‏}‏ وقيل يصلي ويقصد المسلمين لأنه إن عجز عن التعين لا يعجز عن القصد كما في البدائع‏.‏ قال في الحلية‏:‏ فعلى هذا ينبغي أن يصلي عليهم في الحالة الثانية أيضا أي حالة ما إذا كان الكفار أكثر لأنه حيث قصد المسلمين فقط لم يكن مصليا على الكفار، وإلا لم تجز الصلاة عليهم في الحالة الأولى أيضا مع أن الاتفاق على الجواز فينبغي الصلاة عليهم في الأحوال الثلاث كما قالت به الأئمة الثلاث وهو أوجه قضاء لحق المسلمين بلا ارتكاب منهي عنه ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله‏:‏ ومحل دفنهم‏)‏ بالجر عطفا على الصلاة ففيه خلاف أيضا ‏(‏قوله كدفن ذمية‏)‏ جعل الأول مشبها بهذا لأنه لا رواية فيه عن الإمام بل فيه اختلاف المشايخ قياسا على هذه المسألة فإنه اختلف فيها الصحابة رضي الله عنهم على ثلاثة أقوال؛ فقال بعضهم‏:‏ تدفن في مقابرنا ترجيحا لجانب الولد، وبعضهم‏:‏ في مقابر المشركين لأن الولد في حكم جزء منها ما دام في بطنها‏.‏ وقال وائلة بن الأسقع‏:‏ يتخذ لها مقبرة على حدة‏.‏ قال في الحلية، وهذا أحوط والظاهر كما أفصح به بعضهم أن المسألة مصورة فيما إذا نفخ فيه الروح، وإلا دفنت في مقابر المشركين ‏(‏قوله لأن وجه الولد لظهرها‏)‏ أي والولد مسلم تبعا لأبيه فيوجه إلى القبلة بهذه الصفة ط ‏(‏قوله يممه المحرم إلخ‏)‏ أي يمم الميت الأعم من الذكر والأنثى، وكذا قوله فالأجنبي أي فالشخص الأجنبي الصادق بذلك، وأفاد أن المحرم لا يحتاج إلى خرقة لأنه يجوز له مس أعضاء التيمم بخلاف الأجنبي إلا إذا كان الميت أمة لأنها كالرجل‏.‏ ثم اعلم أن هذا إذا لم يكن مع النساء رجل لا مسلم ولا كافر ولا صبية صغيرة فلو معهن كافر علمنه الغسل لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وإن لم يوافق في الدين ولو معهن صبية لم تبلغ حد الشهوة وأطاقت غسله علمنها غسله لأن حكم العورة غير ثابت في حقها وكذا في المرأة تموت بين رجال معهم امرأة كافرة أو صبي غير مشتهى كما بسطه في البدائع ‏(‏قوله لو مراهقا‏)‏ المراد به هنا من بلغ حد الشهوة كما يعلم مما بعده ‏(‏قوله‏:‏ وإلا فكغيره‏)‏ أي من الصغار والصغائر قال في الفتح‏:‏ الصغير والصغيرة إذا لم يبلغا حد الشهوة يغسلهما الرجال والنساء وقدره في الأصل بأن يكون قبل أن يتكلم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله يمم لفقد ماء إلخ‏)‏ قال في الفتح ولو لم يوجد ماء فيمم الميت وصلوا عليه ثم وجدوه غسلوه وصلوا عليه ثانيا عند أبي يوسف وعنه يغسل ولا تعاد الصلاة عليه، ولو كفنوه وبقي منه عضو لم يغسل فإنه يغسل ذلك العضو ولو بقي نحو الأصبع لا يغسل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقيل لا‏)‏ أي يغسل ولا يصلى عليه كما علمته‏.‏ قلت‏:‏ ولا يظهر الفرق بينه وبين الحي، فإن الحي لو تيمم لفقد الماء وصلى ثم وجده لا يعيد، ثم رأيت في شرح المنية نقلا عن السروجي أن هذه الرواية موافقة للأصول ا هـ‏.‏ وفيه إشعار بترجيحها لما قلنا‏.‏ ‏[‏خاتمة‏]‏ يندب الغسل من غسل الميت ويكره أن يغسله جنب أو حائض إمداد والأولى كونه أقرب الناس إليه فإن لم يحسن الغسل فأهل الأمانة والورع وينبغي للغاسل ولمن حضر إذا رأى ما يحب الميت ستره أن يستره ولا يحدث به لأنه غيبة وكذا إذا كان عيبا حادثا بالموت كسواد وجه ونحوه ما لم يكن مشهورا ببدعة فلا بأس بذكره تحذيرا من بدعته، وإن رأى من أمارات الخير كوضاءة الوجه والتبسم ونحوه استحب إظهاره لكثرة الترحم عليه والحث على مثل عمله الحسن شرح المنية‏.‏

مطلب في الكفن

‏(‏قوله ويسن في الكفن إلخ‏)‏ أصل التكفين فرض كفاية، وكونه على هذا الشكل مسنون شرنبلالية ‏(‏قوله له‏)‏ أي للرجل ‏(‏قوله إزار إلخ‏)‏ هو من القرن إلى القدم، والقميص من أصل العنق إلى القدمين بلا دخريص وكمين، واللفافة تزيد على ما فوق القرن والقدم ليلف فيها الميت وتربط من الأعلى والأسفل إمداد‏.‏ والدخريص‏:‏ الشق الذي يفعل في قميص الحي ليتسع للمشي ‏(‏قوله وتكره العمامة إلخ‏)‏ هي بالكسر ما يلف على الرأس قاموس قال ط‏:‏ وهي محل الخلاف، وأما ما يفعل على الخشبة من العمامة والزينة ببعض حلي فهو من المكروه بلا خلاف لما تقدم أنه يكره فيه كل ما كان للزينة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ هو أحد تصحيحين قال القهستاني‏:‏ واستحسن على الصحيح العمامة يعمم يمينا ويذنب ويلف ذنبه على كورة من قبل يمينه، وقيل يذنب على وجهه كما في التمرتاشي وقيل هذا إذا كان من الأشراف، وقيل هذا إذا لم يكن في الورثة صغار، وقيل لا يعمم بكل حال كما في المحيط والأصح أنه تكره العمامة بكل حال كما في الزاهدي‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا بأس بالزيادة على الثلاثة‏)‏ كذا في النهر عن غاية البيان، ونقله قبله عن المجتبى الكراهة لكن قال في الحلية عن الذخيرة معزيا إلى عصام‏:‏ أنه إلى خمسة ليس بمكروه ولا بأس به‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ ووجه بأن ابن عمر كفن ابنه واقدا في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاث لفائف وأدار العمامة إلى تحت حنكه رواه سعيد بن منصور‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر بعد نقل الكراهة عن المجتبى واستثنى في روضة الزندوستي ما إذا وصى بأن يكفن في أربعة أو خمسة فإنه يجوز بخلاف ما إذا أوصى أن يكفن في ثوبين فإنه يكفن في ثلاثة، ولو أوصى أن يكفن بألف درهم كفن كفنا وسطا ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر أن الاستثناء الذي في الروضة منقطع؛ إذ لو كره لم تنفذ وصيته كما لم تنفذ بالأقل تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ويحسن الكفن‏)‏ بأن يكفن بكفن مثله، وهو أن ينظر إلى ثيابه في حياته للجمعة والعيدين، وفي المرأة ما تلبسه لزيارة أبويها كذا في المعراج فقول الحدادي‏:‏ وتكره المغالاة في الكفن يعني زيادة على كفن المثل نهر ‏(‏قوله لحديث إلخ‏)‏ وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه» وروى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا» وجمع بين الحديثين بأن المراد بتحسينه بياضه ونظافته لا كونه ثمينا حلية، وهو في معنى ما مر عن النهر ‏(‏قوله ويتفاخرون‏)‏ المراد به الفرح والسرور حيث وافق السنة، والزيارة وإن كانت للروح لكن للروح نوع تعلق بالجسد ‏(‏قوله‏:‏ ولها‏)‏ أي ويسن في الكفن للمرأة ‏(‏قوله أي قميص‏)‏ أشار إلى ترادفهما كما قالوا‏:‏ وقد فرق بينهما بأن شق الدرع إلى الصدر والقميص إلى المنكب قهستاني ‏(‏قوله وخمار‏)‏ بكسر الخاء ما تغطي به المرأة رأسها قال الشيخ إسماعيل ومقداره حالة الموت ثلاثة أذرع بذراع الكرباس يرسل على وجهها، ولا يلف كذا في الإيضاح والعتابي‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وخرقة‏)‏ والأولى أن تكون من الثديين إلى الفخذين نهر عن الخانية ‏(‏قوله وكفاية‏)‏ أي الاقتصار على الثوبين له كفن الكفاية لأنه أدنى ما يلبس حال حياته وكفنه كسوته بعد الوفاة فيعتبر بكسوته في الحياة ولهذا تجوز صلاته فيهما بلا كراهة معراج‏.‏ وحاصله أن كفن الكفاية هو أدنى ما يكفيه بلا كراهة فهو دون كفن السنة وهل هو سنة أيضا أو واجب‏؟‏ الذي يظهر لي الثاني ولذاكره الأقل منه كما يذكره الشارح وقال في البحر‏:‏ قالوا‏:‏ ويكره أن يكفن في ثوب واحد حالة الاختيار لأن في حالة حياته تجوز صلاته في ثوب واحد مع الكراهة وقالوا‏:‏ إذا كان بالمال قلة، والورثة كثرة فكفن الكفاية أولى وعلى القلب كفن السنة أولى ومقتضاه أنه لو كان عليه ثلاثة أثواب وليس له غيرها وعليه دين أن يباع منها واحد للدين لأن الثالث ليس بواجب حتى ترك للورثة عند كثرتهم والدين أولى مع أنهم صرحوا كما في الخلاصة بأنه لا يباع شيء منها بالدين كما في حالة الحياة إذا أفلس وله ثلاثة أثواب هو لابسها لا ينزع عنه شيء ليباع ا هـ‏.‏ ما في البحر وهو مأخوذ من الفتح وقال في الفتح ولا يبعد الجواب ا هـ‏.‏ وذكر الجواب بعضهم بأن يفرق بين الميت والحي بأن عدم الأخذ من الحي لاحتياجه ولا كذلك الميت‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ أنت خبير بأن الإشكال جاء من تصريحهم بعدم الفرق بين الحي والميت فأنى يصح هذا الجواب‏؟‏ نعم يصح على ما قاله السيد في شرح السراجية من أنه إذا كان الدين مستغرقا فللغرماء المنع من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية‏.‏ وقال الشارح في فرائض الدر المنتقى وهل للغرماء المنع من كفن المثل قولان والصحيح نعم ا هـ‏.‏ ومثله في سكب الأنهر لكن قال أيضا‏:‏ ألا ترى أنه لو كان للمديون ثياب حسنة في حال حياته ويمكنه الاكتفاء بما دونها يبيعها القاضي، ويقضي الدين ويشتري بالباقي ثوبا يلبسه فكذا في الميت المديون كذا اختاره الخصاف في أدب القاضي‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم رأيت مثله في حاشية الرملي عن شرح السراجية المسمى ضوء السراج للكلاباذي‏:‏ وحينئذ فلا إشكال، ولا جواب وبه علم أن ما مر عن الخلاصة خلاف الصحيح وقد يوفق بحمل ما في الخلاصة في الحي على ما إذا لم يكتف بما دون الثلاثة، وفي الميت على ما إذا لم يمنعهم الغرماء قال في شرح قلائد المنظوم صحح العلامة حيدر في شرحه على السراجية المسمى بالمشكاة بأن للورثة تكفينه بكفن المثل ما لم يمنعهم الغرماء‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن المراد بعدم المنع الرضا بذلك، وإلا فكيف يسوغ للورثة تقديم المسنون على الدين الواجب ثم إن هذا مؤيد لما بحثناه من أن كفن الكفاية واجب بمعنى أنه لا يجوز أقل منه عند الاختيار ثم رأيت في شرح المقدسي قال‏:‏ وهذا أقل ما يجوز عند الاختيار، والله - تعالى - أعلم ‏(‏قوله‏:‏ في الأصح‏)‏ وقيل قميص ولفافة زيلعي قال في البحر‏:‏ وينبغي عدم التخصيص بالإزار واللفافة لأن كفن الكفاية معتبر بأدنى ما يلبسه الرجل في حياته من غير كراهة كما علل به في البدائع ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولها ثوبان‏)‏ لم يعينهما كالهداية وفسرهما في الفتح بالقميص واللفافة وعينهما في الكنز بالإزار واللفافة قال في البحر‏:‏ والظاهر كما قدمناه عدم التعيين بل إما قميص وإزار أو إزاران والثاني أولى لأن فيه زيادة في ستر الرأس والعنق ‏(‏قوله ويكره‏)‏ أي عند الاختيار

‏(‏قوله وأقله ما يعم البدن‏)‏ ظاهره أنه لو لم يوجد له ذلك سألوا الناس له ثوبا يعمه، وأن ما دون ذلك بمنزلة العدم، وأنه لا يسقط به الفرض عن المكلفين وإن كان ساترا للعورة ما لم يعم البدن، لكن لا يخفى أن كفن الضرورة ما لا يصار إليه إلا عند العجز، فلا يناسب تقييده بشيء ولذا عبر المصنف بما يوجد‏.‏ نعم ما يعم البدن هو كفن الفرض كما صرح به في شرح المنية فيسقط به الفرض عن المكلفين لا بقيد كونه عند الضرورة لأنها تقدر بقدرها، ولذا «لما استشهد مصعب بن عمير رضي الله عنه يوم أحد ولم يكن عنده إلا نمرة أي كساء مخطط فكان إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه وبالعكس أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية رأسه بها ورجليه بالإذخر» إلا أن ما لا يستر البدن لا يكفي عند الضرورة أيضا بل يجب ستر باقيه بنحو حشيش كالإذخر؛ ولذا قال الزيلعي بعد سوقه حديث مصعب‏:‏ وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي خلافا للشافعي ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ويقمص‏)‏ أي الميت أي يلبس القميص بعد تنشيفه بخرقة كما مر ‏(‏قوله‏:‏ ويلف يساره ثم يمينه‏)‏ الضميران للإزار وأشار به إلى أن كلا من الإزار واللفافة يلف وحده لأنه أمكن في الستر ط ‏(‏قوله‏:‏ ليكون الأيمن على الأيسر‏)‏ اعتبارا بحالة الحياة إمداد ‏(‏قوله‏:‏ تحت اللفافة‏)‏ الأوضح تحت الإزار ‏(‏قوله‏:‏ ثم يفعل كما مر‏)‏ أي بأن توضع بعد إلباس الدرع والخمار على الإزار، ويلف يساره إلخ قال في الفتح‏:‏ ولم يذكر الخرقة وفي شرح الكنز فوق الأكفان كي لا تنتشر، وعرضها ما بين ثدي المرأة إلى السرة، وقيل ما بين الثدي إلى الركبة، كي لا ينتشر الكفن عن الفخذين وقت المشي، وفي التحفة تربط الخرقة فوق الأكفان عند الصدر فوق الثديين ا هـ‏.‏ وقال في الجوهرة وقول الخجندي‏:‏ تربط الخرقة على الثديين فوق الأكفان يحتمل أن يراد به تحت اللفافة وفوق الإزار والقميص وهو الظاهر ا هـ‏.‏ وفي الاختيار‏:‏ تلبس القميص ثم الخمار فوقه ثم تربط الخرقة فوق القميص ا هـ‏.‏ ومفاد هذه العبارات الاختلاف في عرضها، وفي محل وضعها وفي زمانه تأمل

‏(‏قوله وخنثى مشكل كامرأة فيه‏)‏ أي فيكفن في خمسة أثواب احتياطا لأنه على احتمال كونه ذكرا فالزيادة لا تضر قال في النهر إلا أنه يجنب الحرير والمعصفر والمزعفر احتياطا ‏(‏قوله‏:‏ والمحرم كالحلال‏)‏ أي فيغطى رأسه وتطيب أكفانه خلافا للشافعي رحمه الله تعالى ‏(‏قوله‏:‏ والمراهق كالبالغ‏)‏ الذكر كالذكر والأنثى كالأنثى ح قال في البدائع لأن المراهق في حياته يخرج فيما يخرج فيه البالغ عادة فكذا يكفن فيما يكفن فيه ‏(‏قوله ومن لم يراهق إلخ‏)‏ هذا لو ذكرا قال الزيلعي وأدنى ما يكفن به الصبي الصغير ثوب واحد والصبية ثوبان‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في البدائع‏:‏ وإن كان صبيا لم يراهق فإن كفن في خرقتين إزار ورداء فحسن، وإن كفن في إزار واحد جاز وأما الصغيرة فلا بأس أن تكفن في ثوبين‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ في قوله فحسن إشارة إلى أنه لو كفن بكفن البالغ يكون أحسن لما في الحلية عن الخانية والخلاصة الطفل الذي لم يبلغ حد الشهوة الأحسن أن يكفن فيما يكفن فيه البالغ وإن كفن في ثوب واحد جاز ا هـ‏.‏ وفيه إشارة إلى أن المراد بمن لم يراهق من لم يبلغ حد الشهوة ‏(‏قوله والسقط يلف‏)‏ أي في خرقة لأنه ليس له حرمة كاملة وكذا من ولد ميتا بدائع ‏(‏قوله‏:‏ ولا يكفن‏)‏ أي لا يراعى فيه سنة الكفن، وهل النفي بمعنى النهي أو بمعنى نفي اللزوم‏؟‏ الظاهر الثاني فليتأمل ‏(‏قوله كالعضو من الميت‏)‏ أي لو وجد طرف من أطراف إنسان أو نصفه مشقوقا طولا أو عرضا يلف في خرقة إلا إذا كان معه الرأس فيكفن كما في البدائع قال‏:‏ وكذا الكافر لو له ذو رحم محرم مسلم يغسله ويكفنه في خرقة لأن التكفين على وجه السنة من باب الكرامة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله منبوش طري‏)‏ أي بأن وجد منبوشا بلا كفن ‏(‏قوله لم يتفسخ‏)‏ قيد به لأنه لو تفسخ يكفن في ثوب واحد كما صرح به بعده والظاهر أنه بيان للمراد من قوله طري كما تشهد به المقابلة بقوله وإن تفسخ ‏(‏قوله كالذي لم يدفن‏)‏ أي يكفن في ثلاثة أثواب ‏(‏قوله مرة بعد أخرى‏)‏ أي لو نبش ثانيا وثالثا، وأكثر كفن كذلك ما دام طريا من أصل ماله عندنا، ولو مديونا إلا إذا قبض الغرماء التركة فلا يسترد منهم، وإن قسم ماله فعلى كل وارث بقدر نصيبه دون الغرماء وأصحاب الوصايا لأنهم أجانب سكب الأنهر ‏(‏قوله أحد عشر‏)‏ المذكور منها متنا خمسة‏:‏ الرجل، والمرأة، والخنثى، والمنبوش الطري، والمتفسخ‏.‏ وذكر في الشرح ستة‏:‏ المحرم، والمراهق ذكر أو أنثى، ومن لم يراهق كذلك أو السقط لكن علمت أن المراهقة لم ينص على حكمها وقدمنا عن البدائع اثنين آخرين وهما من ولد ميتا والكافر

‏(‏قوله ولا بأس إلخ‏)‏ أشار إلى أن خلافه أولى وهو البياض من القطن‏.‏ وفي جامع الفتاوى‏:‏ ويجوز أن يكفن الرجل من الكتان والصوف لكن الأولى القطن‏.‏ وفي التاجية‏:‏ ويكره الصوف والشعر والجلد، وفي المحيط وغيره، ويستحب البياض إسماعيل ‏(‏قوله ببرود‏)‏ جمع برد بالضم من برود العصب مغرب ثم قال‏:‏ والعصب من برود اليمن لأنه يعصب غزله ثم يصبغ ثم يحاك، وفيه‏:‏ وأما البردة بالهاء فكساء مربع أسود صغير ‏(‏قوله وفي النساء‏)‏ على تقدير مضاف أي وفي كفن النساء واحترز عن الرجال لأنه يكره لهم ذلك ‏(‏قوله وأحبه البياض‏)‏ والجديد والغسيل فيه سواء نهر ‏(‏قوله أو ما كان يصلي فيه‏)‏ مروي عن ابن المبارك ط

‏(‏قوله من لا مال له‏)‏ أما من له مال فكفنه في ماله يقدم على الدين والوصية والإرث إلى قدر السنة ما لم يتعلق به حق الغير كالرهن والمبيع قبل القبض والعبد الجاني بحر وزيلعي وقدمنا أن للغرماء منع الورثة من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية ‏(‏قوله على من تجب عليه نفقته‏)‏ وكفن العبد على سيده والمرهون على الراهن والمبيع في يد البائع عليه بحر ‏(‏قوله فعلى قدر ميراثهم‏)‏ كما كانت النفقة واجبة عليهم فتح أي فإنها على قدر الميراث، فلو له أخ لأم وأخ شقيق فعلى الأول السدس والباقي على الشقيق‏.‏ أقول‏:‏ ومقتضى اعتبار الكفن بالنفقة أنه لو كان له ابن وبنت كان عليهما سوية كالنفقة؛ إذ لا يعتبر الميراث في النفقة الواجبة على الفرع لأصله؛ ولذا لو كان له ابن مسلم، وابن كافر فهي عليهما، ومقتضاه أيضا أنه لو كان للميت أب وابن كفنه الابن دون الأب كما في النفقة على التفاصيل الآتية في بابها إن شاء الله تعالى‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو كفنه الحاضر من ماله ليرجع على الغائب منهم بحصته فلا رجوع له إن أنفق بلا إذن القاضي حاوي الزاهدي واستنبط منه الخير الرملي أنه لو كفن الزوجة غير زوجها بلا إذنه، ولا إذن القاضي فهو متبرع‏.‏

مطلب في كفن الزوجة على الزوج

‏(‏قوله‏:‏ واختلف في الزوج‏)‏ أي في وجوب كفن زوجته عليه ‏(‏قوله عند الثاني‏)‏ أي أبي يوسف وأما عند محمد فلا يلزمه لانقطاع الزوجية بالموت، وفي البحر عن المجتبى أنه لا رواية عن أبي حنيفة لكن ذكر في شرح المنية عن شرح السراجية لمصنفها أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف ‏(‏قوله‏:‏ وإن تركت مالا إلخ‏)‏ اعلم أنه اختلفت العبارات في تحرير قول أبي يوسف ففي الخانية والخلاصة والظهيرية‏:‏ أنه يلزمه كفنها، وإن تركت مالا وعليه الفتوى وفي المحيط والتجنيس والواقعات وشرح المجمع لمصنفه إذا لم يكن لها مال فكفنها على الزوج وعليه الفتوى وفي شرح المجمع لمصنفه إذا ماتت ولا مال لها فعلى الزوج الموسر ا هـ‏.‏ ومثله في الأحكام عن المبتغى بزيادة وعليه الفتوى ومقتضاه أنه لو معسرا لا يلزمه اتفاقا وفي الأحكام أيضا عن العيون كفنها في مالها إن كان وإلا فعلى الزوج ولو معسرا ففي بيت المال‏.‏ ا هـ‏.‏ والذي اختاره في البحر لزومه عليه موسرا أو لا لها مال أو لا لأنه ككسوتها وهي واجبة عليه مطلقا قال‏:‏ وصححه في نفقات الولوالجية‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعبارتها إذا ماتت المرأة، ولا مال لها قال أبو يوسف‏:‏ يجبر الزوج على كفنها، والأصل فيه أن من يجبر على نفقته في حياته يجبر عليها بعد موته، وقال محمد‏:‏ لا يجبر الزوج والصحيح الأول ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في الحلية‏:‏ ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع الوجوب عليه حالة الموت من نشوزها أو صغرها ونحو ذلك ا هـ‏.‏ وهو وجيه لأنه إذا اعتبر لزوم الكفن بلزوم النفقة سقط بما يسقطها‏.‏ ثم اعلم أن الواجب عليه تكفينها وتجهيزها الشرعيان من كفن السنة أو الكفاية وحنوط وأجرة غسل وحمل ودفن دون ما ابتدع في زماننا من مهللين وقراء ومغنين وطعام ثلاثة أيام ونحو ذلك، ومن فعل ذلك بدون رضا بقية الورثة البالغين يضمنه في ماله ‏(‏قوله فإن لم يكن بيت المال معمورا‏)‏ أي بأن لم يكن فيه شيء أو منتظما أي مستقيما بأن كان عامرا ولا يصرف مصارفه ط ‏(‏قوله فعلى المسلمين‏)‏ أي العالمين به وهو فرض كفاية يأثم بتركه جميع من علم به ط ‏(‏قوله فإن لم يقدروا‏)‏ أي من علم منهم بأن كانوا فقراء ‏(‏قوله وإلا كفن به مثله‏)‏ هذا لم يذكره في المجتبى بل زاده عليه في البحر عن التجنيس والواقعات‏.‏ قلت‏:‏ وفي مختارات النوازل لصاحب الهداية‏:‏ فقير مات فجمع من الناس الدراهم وكفنوه وفضل شيء إن عرف صاحبه يرد عليه وإلا يصرف إلى كفن فقير آخر أو يتصدق به ‏(‏قوله‏:‏ وظاهره إلخ‏)‏ أي ظاهر قوله ثوبا، وهذا بحث لصاحب النهر لكن قال في مختارات النوازل بعد ما نقلناه عنه‏.‏ ولا يجمع من الناس إلا قدر كفايته ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ثم رأيت في الأحكام عن عمدة المفتي ولا يجمعون من الناس إلا قدر ثوب واحد ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا يلزمه تكفينه به‏)‏ لأنه محتاج إليه فلو كان الثوب للميت والحي وارثه يكفن به الميت لأنه مقدم على الميراث بحر إلا إذا كان الحي مضطرا إليه لبرد أو سبب يخشى منه التلف كما لو كان للميت ماء وهناك مضطر إليه لعطش قدم على غسله شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع‏)‏ حتى لو افترس الميت سبع كان للمتبرع لا للورثة نهر أي إن لم يكن وهبه لهم كما في الأحكام عن المحيط‏.‏

مطلب في صلاة الجنازة

‏(‏قوله صفتها إلخ‏)‏ ذكر صفتها وشرطها وركنها وسننها وكيفيتها والأحق بها‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وسبب وجوبها الميت المسلم كما في الخلاصة ووقتها وقت حضوره؛ ولذا قدمت على سنة المغرب كما في الخزانة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البحر ويفسدها ما أفسد الصلاة إلا المحاذاة كما في البدائع وتكره في الأوقات المكروهة ولو أحدث الإمام فاستخلف غيره فيها جاز هو الصحيح كذا في الظهيرية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بالإجماع‏)‏ وما في بعض العبارات من أنها واجبة فالمراد الافتراض بحر لكن في القهستاني عن النظم قيل إنها سنة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يمكن تأويله بثبوتها بالسنة كما في نظائره لكن ينافيه التصريح بالإجماع إلا أن يقال إن الإجماع سنده السنة كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «صلوا على كل بر وفاجر» وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وصل عليهم‏}‏ فقيل إنه دليل الفرضية لكن رد كما في النهر بإجماع المفسرين على أن المأمور به هو الدعاء والاستغفار للمتصدق‏.‏ ا هـ‏.‏ هذا، واستشكل المحقق ابن الهمام في التحرير وجوبها بسقوطها بفعل الصبي، قال‏:‏ والجواب بأن المقصود الفعل لا يدفع الوارد من لفظ الوجوب ا هـ‏.‏ أي لأن الوجوب على المكلفين فلا بد من صدور الفعل منهم وذكر شارحه المحقق ابن أمير حاج أن سقوطها بفعل الصبي المميز هو الأصح عند الشافعية قال‏:‏ ولا يحضرني هذا منقولا فيما وقفت عليه من كتبنا وإنما ظاهر أصول المذهب عدم السقوط ا هـ‏.‏ ويأتي تمام الكلام قريبا

‏(‏قوله‏:‏ وشرطها‏)‏ أي شرط صحتها وأما شروط وجوبها فهي شروط بقية الصلوات من القدرة والعقل والبلوغ والإسلام مع زيادة العلم بموته تأمل ‏(‏قوله ستة‏)‏ ثلاثة في المتن وثلاثة في الشرح، وهي‏:‏ ستر العورة، وحضور الميت، وكونه أو أكثره أمام المصلي، وزاد أيضا سابعا‏:‏ وهو بلوغ الإمام، ثم هذه الشروط راجعة إلى الميت، وأما الشروط التي ترجع إلى المصلي فهي شروط بقية الصلوات من الطهارة الحقيقية بدنا وثوبا ومكانا والحكمية وستر العورة والاستقبال والنية سوى الوقت ‏(‏قوله إسلام الميت‏)‏ أي ولو بطريق التبعية لأحد أبويه أو للدار أو للسابي كما سيأتي والمراد بالميت من مات بعد ولادته حيا لا لبغي أو قطع طريق أو مكابرة في مصر أو قتل لأحد أبويه أو قتل لنفسه كما يأتي بيان ذلك كله ‏(‏قوله‏:‏ ما لم يهل عليه التراب‏)‏ أما لو دفن بلا غسل ولم يهل عليه التراب فإنه يخرج ويغسل ويصلى عليه جوهرة ‏(‏قوله فيصلى على قبره بلا غسل‏)‏ أي قبل أن يتفسخ كما سيأتي عند قول المصنف‏:‏ وإن دفن بلا صلاة‏.‏ هذا، وذكر في البحر هناك أن الصلاة عليه إذا دفن بلا غسل رواية ابن سماعة عن محمد، وأنه صحح في غاية البيان معزيا إلى القدوري وصاحب التحفة أنه لا يصلى على قبره لأنها بلا غسل غير مشروعة رملي ويأتي تمام الكلام عليه‏.‏ ‏(‏قوله وإن صلي عليه أولا‏)‏ أي ثم تذكروا أنه دفن بلا غسل ‏(‏قوله استحسانا‏)‏ لأن تلك الصلاة لم يعتد بها لترك الطهارة مع الإمكان والآن زال الإمكان وسقطت فريضة الغسل جوهرة ‏(‏قوله وفي القنية إلخ‏)‏ مثله في المفتاح والمجتبى معزيا إلى التجريد إسماعيل، لكن في التتارخانية سئل قاضي خان عن طهارة مكان الميت هل تشترط لجواز الصلاة عليه‏؟‏ قال إن كان الميت على الجنازة لا شك أنه يجوز، وإلا فلا رواية لهذا وينبغي الجواز، وهكذا أجاب القاضي بدر الدين ا هـ‏.‏ وفي ط عن الخزانة إذا تنجس الكفن بنجاسة الميت لا يضر دفعا للحرج بخلاف الكفن المتنجس ابتداء‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا لو تنجس بدنه بما خرج منه إن كان قبل أن يكفن غسل وبعده لا كما قدمناه في الغسل فيقيد ما في القنية بغير النجاسة الخارجة من الميت ‏(‏قوله أعيدت‏)‏ لأنه لا صحة لها بدون الطهارة وإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة القوم بحر ‏(‏قوله‏:‏ وبعكسه لا‏)‏ أي لا تعاد لصحة صلاة الإمام وإن لم تصح صلاة من خلفه ‏(‏قوله كما لو أمت امرأة‏)‏ أي أمت رجلا فإن صلاتها تصح، وإن لم يصح الاقتداء بها ‏(‏قوله‏:‏ ولو أمة‏)‏ ساقط من بعض النسخ ‏(‏قوله لسقوط فرضها بواحد‏)‏ أي بشخص واحد رجلا كان أو امرأة، فهو تعليل لمسألة العكس ومسألة المرأة‏.‏ قال في البحر والحلية وبهذا تبين أنه لا تجب صلاة الجماعة فيها ا هـ‏.‏ ومثله في البدائع ‏(‏قوله وبقي من الشروط بلوغ الإمام‏)‏ الأولى ذكر ذلك بعد تمام الشروط لأنه شرط سابع زائد على الستة فافهم وإنما أمر بالتأمل لأنه مذكور بحثا لا نقلا‏.‏

مطلب هل يسقط فرض الكفاية بفعل الصبي‏؟‏

قال الإمام الأسروشني في كتاب أحكام الصغار‏:‏ الصبي إذا غسل الميت جاز وإذا أم في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز، وهو الظاهر لأنها من فروض الكفاية، وهو ليس من أهل أداء الفرض، ولكن يشكل برد السلام إذا سلم على قوم فرد صبي جواب السلام‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ حاصله أنها لا تسقط عن البالغين بفعله لأن صلاتهم لم تصح لفقد شروط الاقتداء وهو بلوغ الإمام وصلاته، وإن صحت لنفسه لا تقع فرضا لأنه ليس من أهله، وعليه فلو صلى وحده لا يسقط الفرض عنهم بفعله، بخلاف المرأة لو صلت إماما أو وحدها كما مر، لكن يشكل على ذلك مسألة السلام، وكذا جواز تغسيله للميت مع أنه فرض أيضا، وقدمنا عن التحرير قريبا استشكال سقوط الصلاة بفعله‏.‏ وعن شارحه أنه لم يره وأن ظاهر أصول المذهب عدم السقوط، لكن نقل في الأحكام عن جامع الفتاوى سقوطها بفعلها كرد السلام، ونقل بعده عن السراجية أنه يشترط بلوغه‏.‏ قلت‏:‏ يمكن حمل الثاني على أن البلوغ شرط لكونه إماما، فلا ينافي السقوط بفعله كما في التغسيل ورد السلام، وكونه ليس من أهل أداء الفرض لا ينافي ذلك، كما حققناه في باب الإمامة عند قوله‏:‏ ولا يصح اقتداء رجل بامرأة فراجعه ‏(‏قوله حضوره‏)‏ أي كله أو أكثره كالنصف مع الرأس كما مر ‏(‏قوله ووضعه‏)‏ أي على الأرض، أو على الأيدي قريبا منها ‏(‏قوله‏:‏ وكونه هو أو أكثره أمام المصلي‏)‏ المناسب ذكر قوله هو أو أكثره بعد قوله حضوره لأنه احتراز عن كونه خلفه مع أنه يوهم اشتراط محاذاته للميت أو أكثره وليس كذلك، فقد ذكر القهستاني عن التحفة أن ركنها القيام ومحاذاته إلى جزء من أجزاء الميت ا هـ‏.‏ لكن فيه نظر، بل الأقرب كون المحاذاة شرطا فيزاد على السبعة المذكورة، ثم هذا ظاهر إذا كان الميت واحدا، وإلا فيحاذي واحدا منهم بدليل ما سيأتي من التخيير في وضعهم صفا طولا أو عرضا تأمل ثم رأيته في ط‏.‏ ثم قال‏:‏ إن هذا ظاهر في الإمام لأن صف المؤتمين قد يخرج عن المحاذاة ‏(‏قوله فلا تصح‏)‏ بيان لمحترزات الشروط الثلاثة الأخيرة على اللف والنشر المرتب ‏(‏قوله على نحو دابة‏)‏ أي كمحمول على أيدي الناس، فلا تجوز في المختار إلا من عذر إمداد عن الزيلعي، وهذا لو حملت على الأيدي ابتداء؛ أما لو سبق ببعض التكبيرات فإنه يأتي بعد سلام الإمام بما فاته، وإن رفعت على الأيدي قبل أن توضع على الأكتاف كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ لأنه كالإمام من وجه‏)‏ لاشتراط هذه الشروط وعدم صحتها بفقدها أو فقد بعضها ‏(‏قوله‏:‏ لصحتها على الصبي‏)‏ أي والمرأة، وهذا علة لقوله دون وجه؛ إذ لو كان إماما من كل وجه لما صحت على الصبي ونحوه ‏(‏قوله على النجاشي‏)‏ بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح وتكسر نونها، أو هو أفصح‏:‏ ملك الحبشة اسمه أصحمة قاموس‏.‏ وذكر في المغرب أنه بتخفيف الياء سماعا من الثقات، وأن تشديد الجيم فيه خطأ، وأن السين في أصحمة تصحيف ‏(‏قوله لغوية‏)‏ أي المراد بها مجرد الدعاء وهو بعيد ‏(‏قوله أو خصوصية‏)‏ أو لأنه رفع سريره حتى رآه عليه الصلاة والسلام بحضرته فتكون صلاة من خلفه على ميت يراه الإمام وبحضرته دون المأمومين، وهذا غير مانع من الاقتداء فتح‏.‏ واستدل لهذين الاحتمالين بما لا مزيد عليه فارجع إليه، من جملة ذلك أنه توفي خلق كثير من أصحابه صلى الله عليه وسلم من أعزهم عليه القراء، ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم مع حرصه على ذلك حتى قال‏:‏ «لا يموتن أحد منكم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة له» ‏(‏قوله وصحت لو وضعوا إلخ‏)‏ كذا في البدائع، وفسره في شرح المنية معزيا للتتارخانية بأن وضعوا رأسه مما يلي يسار الإمام ا هـ‏.‏ فأفاد أن السنة وضع رأسه مما يلي يمين الإمام كما هو المعروف الآن، ولهذا علل في البدائع للإساءة بقوله لتغييرهم السنة المتوارثة، ويوافقه قول الحاوي القدسي‏:‏ يوضع رأسه مما يلي المستقبل، فما في حاشية الرحمتي من خلاف هذا فيه نظر فراجعه

‏(‏قوله شيئان‏)‏ وأما في القهستاني عن التحفة من زيادة المحاذاة إلى جزء من الميت فالذي يظهر كونه شرطا لا ركنا كما قدمناه ‏(‏قوله فلذا إلخ‏)‏ أي لكونها ركنا لا شرطا لأنه لو نواها للأخرى أيضا يصير مكبرا ثلاثا، وإنه لا يجوز بحر عن المحيط ‏(‏قوله‏:‏ فلم تجز قاعدا‏)‏ أي ولا راكبا ‏(‏قوله بلا عذر‏)‏ فلو تعذر النزول لطين أو مطر جازت راكبا، ولو كان الوالي مريضا فصلى قاعدا والناس قياما أجزأهم عندهما‏.‏ وقال محمد‏:‏ تجزئ الإمام فقط حلية

‏(‏قوله‏:‏ التحميد والثناء‏)‏ كذا في البحر عن المحيط، ومقتضى قول الشارح ثلاثة أن الثناء غير التحميد مع أنه فيما يأتي فسر الثناء بقوله ‏"‏ سبحانك اللهم وبحمدك ‏"‏ فعلم أن المراد بهما واحد على ما يأتي بيانه فكان عليه أن يذكر الثالث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏قوله وما فهمه الكمال‏)‏ تبعه شارحا المنية البرهان الحلبي وابن أمير حاج ‏(‏قوله من أن الدعاء ركن‏)‏ قال لقولهم إن حقيقتها والمقصود منها الدعاء قوله والتكبيرة الأولى شرط‏)‏ قال لأنها تكبيرة الإحرام ‏(‏قوله رده في البحر بتصريحهم بخلافه‏)‏ أما الأول ففي المحيط أن الدعاء سنة، وقولهم‏:‏ إن المسبوق يقضي التكبير نسقا بغير دعاء يدل عليه‏.‏ وأما الثاني فما مر من أنه لم يجز بناء أخرى عليها وقولهم‏:‏ إن التكبيرات الأربع قائمة مقام أربع ركعات‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ما نقله عن المحيط من أن الدعاء سنة‏.‏ قال في الحلية‏:‏ فيه نظر ظاهر، فقد صرحوا عن آخرهم بأن صلاة الجنازة هي الدعاء للميت إذ هو المقصود منها‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما قولهم‏:‏ إن المسبوق يقضي التكبير نسقا بغير دعاء، فقد قال في شرح المنية‏:‏ إن الإمام يتحمله عنه أي فلا ينافي ركنيته كما يتحمل عنه القراءة وهي ركن أيضا ا هـ‏.‏ لكن تحمل القراءة في حالة الاقتداء، أما بعد الفراغ فيأتي المسبوق بها‏.‏ وقد يقال‏:‏ يتحمل الإمام الدعاء عن المسبوق لضرورة تصحيح صلاته لأن الكلام فيما إذا خيف رفع الجنازة وأتى بالتكبيرات نسقا تأمل‏.‏ أقول‏:‏ وتقدم في باب شروط الصلاة أن المصلي ينوي مع الصلاة لله - تعالى - الدعاء للميت، وعلله الشارح هناك بأنه الواجب عليه، ونقلناه هناك عن الزيلعي والبحر والنهر، فهذا مؤيد لما اختاره المحقق، والله الموفق‏.‏ وأما عدم جواز بناء أخرى عليها فلكونها قائمة مقام ركعة، وكونها كذلك لا يلزم منه أن تكون ركنا من كل وجه؛ إذ لا شك أنها تحريمة يدخل بها في الصلاة؛ ولذا خصت برفع الأيدي، فهي شرط من وجه ركن من وجه فتدبر‏.‏

‏(‏قوله وهي فرض على كل مسلم مات‏)‏ لفظ على بمعنى اللام التعليلية مثل‏:‏ ‏{‏ولتكبروا الله على ما هداكم‏}‏ أو متعلق بمحذوف خبر ثان للضمير المبتدإ أو متعلق به لأنه عائد للصلاة بمعنى المصدر، والتقدير‏:‏ والصلاة على كل مسلم مات فرض‏:‏ أي مفترض على المكلفين، ولو أسقط الشارح لفظ فرض لكان أصوب لأنه تقدم تصريح المصنف به، ولئلا يوهم تعلق الجار به فيفسد المعنى فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله خلا أربعة‏)‏ بالجر على أن خلا حرف استثناء ‏(‏قوله بغاة‏)‏ هم قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام بغير حق ‏(‏قوله فلا يغسلوا إلخ‏)‏ في نسخة فلا يغسلون وهي أصوب، إنما لم يغسلوا ولم يصل عليهم إهانة لهم وزجرا لغيرهم عن فعلهم‏.‏ وصرح بنفي غسلهم لأنه قيل يغسلون ولا يصلى عليهم للفرق بينهم وبين الشهيد كما ذكره الزيلعي وغيره، وهذا القيل رواية‏.‏ وفيه إشارة إلى ضعفها، لكن مشى عليها في الدرر والوقاية‏.‏ وفي التتارخانية وعليه الفتوى ‏(‏قوله‏:‏ ولو بعده إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وأما إذا قتلوا بعد ثبوت يد الإمام عليهم فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، وهذا تفصيل حسن أخذ به كبار المشايخ لأن قتل قاطع الطريق في هذه الحالة حد أو قصاص، ومن قتل بذلك يغسل ويصلى عليه، وقتل الباغي في هذه الحالة للسياسة أو لكسر شوكتهم فينزل منزلته لعود نفعه إلى العامة ا هـ‏.‏ وقوله أو قصاص أي بأن كان ثم ما يسقط الحد كقطعه على محرم ونحوه مما ذكر في بابه، وقد علم من هذا التفصيل أنه لو مات أحدهم حتف أنفه قبل الأخذ أو بعده يصلى عليه كما بحثه في الحلية، وقال‏:‏ ولم أره صريحا‏.‏ قلت‏:‏ وفي الأحكام عن أبي الليث‏:‏ ولو قتلوا في غير الحرب أو ماتوا يصلى عليهم ا هـ‏.‏ وهو صريح في المطلوب ‏(‏قوله‏:‏ وكذا أهل عصبة‏)‏ بضم فسكون، وفي نسخة عصبية‏.‏ وفي نهاية ابن الأثير‏:‏ العصبية والتعصب‏:‏ المحاماة والمدافعة‏.‏ والعصبي‏:‏ من يعين قومه على الظلم، والذي يغضب لعصبته، ومنه الحديث‏:‏ «ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية» قال في شرح درر البحار‏:‏ وفي النوازل‏:‏ وجعل مشايخنا المقتولين في العصبية في حكم أهل البغي على هذا التفصيل‏.‏ وفي المغني‏:‏ جعل الدروازكي والكلاباذي كالباغي وكذا الواقفون الناظرون إليهما إن أصابهم حجر أو غيره وماتوا في تلك الحالة، ولو ماتوا بعد تفرقهم يصلى عليهم‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ ومثلهم سعد وحرام بمصر وقيس ويمن ببعض البلاد ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن هذا حيث كان البغي من الفريقين، فلو بغى أحدهما على الآخر وقصد الآخر المدافعة عن نفسه بالقدر الممكن يكون المدافع شهيدا‏.‏ وفي شرح منلا مسكين ما يؤيده فراجعه ‏(‏قوله‏:‏ ومكابر في مصر ليلا بسلاح‏)‏ كذا في الدرر والبحر وغيرهما‏.‏ والمكابر‏:‏ بالباء الموحدة المتغلب إسماعيل، والمراد به من يقف في محل من المصر يتعرض لمعصوم‏.‏ والظاهر أن هذا مبني على قول أبي يوسف من أنه يكون قاطع طريق إذا كان في المصر ليلا مطلقا أو نهارا بسلاح وعليه الفتوى كما سيأتي في بابه إن شاء الله - تعالى، فيعطى أحكام قاطع الطريق في غير المصر من أنه إذا ظهر عليه قبل أخذ شيء وقتل فإنه يحبس حتى يتوب، وإن أخذ مالا قطع من خلاف وإن قتل معصوما قتل حدا على ما سيأتي تفصيله في محله، فحيث كان حده القتل لا يصلى عليه، وبما قررناه ظهر أن قوله بسلاح غير قيد لأنه إذا وقف في المصر ليلا لا فرق بين كونه قاتلا بسلاح أو غيره كحجر أو عصا والله أعلم ‏(‏قوله خنق غير مرة‏)‏ هو مفاد صيغة المبالغة، وقيده المصنف في باب البغاة بما إذا كان ذلك في المصر‏.‏ وعبارته في الشرح‏:‏ ومن تكرر الخنق بكسر النون منه في المصر أي خنق مرارا، ذكره مسكين قتل به سياسة لسعيه بالفساد، وكل من كان كذلك يدفع شره بالقتل وإلا بأن خنق مرة لا لأنه كالقتل بالمثقل، وفيه القود عند غير أبي حنيفة ا هـ‏.‏ أي وأما عنده ففيه الدية على عاقلته كالقتل بالمثقل وظاهر قوله بأن خنق مرة أن التكرار يحصل بمرتين ‏(‏قوله‏:‏ فحكمهم كالبغاة‏)‏ كذا في البحر والزيلعي‏:‏ أي حكم أهل عصبية ومكابر وخناق حكم البغاة في أنهم لا يغسلون ولا يصلى عليهم‏.‏ وأما في الدرر من قوله‏:‏ وإن غسلوا‏:‏ أي البغاة والقطاع والمكابر، فإنه مبني على الرواية الأخرى، وقدمنا ترجيحها

‏(‏قوله به يفتى‏)‏ لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد، وإن كان باغيا على نفسه كسائر فساق المسلمين زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ ورجح الكمال قول الثاني إلخ‏)‏ أي قول أبي يوسف‏:‏ إنه يغسل، ولا يصلى عليه إسماعيل عن خزانة الفتاوى‏.‏ وفي القهستاني والكفاية وغيرهما عن الإمام السعدي‏:‏ الأصح عندي أنه لا يصلى عليه لأنه لا توبة له‏.‏ قال في البحر‏:‏ فقد اختلف التصحيح، لكن تأيد الثاني بالحديث‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قد يقال‏:‏ لا دلالة في الحديث على ذلك لأنه ليس فيه سوى «أنه عليه الصلاة والسلام لم يصل عليه» فالظاهر أنه امتنع زجرا لغيره عن مثل هذا الفعل كما امتنع عن الصلاة على المديون، ولا يلزم من ذلك عدم صلاة أحد عليه من الصحابة؛ إذ لا مساواة بين صلاته وصلاة غيره‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن صلاتك سكن لهم‏}‏ ثم رأيت في شرح المنية بحثا كذلك، وأيضا فالتعليل بأنه لا توبة له مشكل على قواعد أهل السنة والجماعة لإطلاق النصوص في قبول توبة العاصي، بل التوبة من الكفر مقبولة قطعا وهو أعظم وزرا، ولعل المراد ما إذا تاب حالة اليأس كما إذا فعل بنفسه ما لا يعيش معه عادة كجرح مزهق في ساعته وإلقاء في بحر أو نار فتاب، أما لو جرح نفسه، وبقي حيا أياما مثلا ثم تاب ومات فينبغي الجزم بقبول توبته ولو كان مستحلا لذلك الفعل؛ إذ التوبة من الكفر حينئذ مقبولة فضلا عن المعصية، بل تقدم الخلاف في قبول توبة العاصي حالة اليأس‏.‏ ثم اعلم أن هذا كله فيمن قتل نفسه عمدا، أما لو كان خطأ فإنه يصلى عليه بلا خلاف كما صرح به في الكفاية وغيرها وسيأتي عده مع الشهداء

‏(‏قوله‏:‏ لا يصلى على قاتل أحد أبويه‏)‏ الظاهر أن المراد أنه لا يصلى عليه إذا قتله الإمام قصاصا، أما لو مات حتف أنفه يصلى عليه كما في البغاة ونحوهم، ولم أره صريحا فليراجع ‏(‏قوله وألحقه في النهر بالبغاة‏)‏ أي فلا يعد خامسا هكذا فهمت، ثم رأيته في ط، لكن فيه أن عبارة النهر هكذا‏:‏ والعصبية كالبغاة، ومن هذا النوع الخناق وقاتل أحد أبويه ا هـ‏.‏ وعليه فيكون المستثنى أقل من أربعة تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقال أئمة بلخ في كلها‏)‏ وهو قول الأئمة الثلاثة ورواية عن أبي حنيفة كما في شرح درر البحار، والأول ظاهر الرواية كما في البحر‏.‏ وفي حاشيته للرملي‏:‏ ربما يستفاد منه أن الحنفي إذا اقتدى بالشافعي فالأولى متابعته في الرفع ولم أره‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ولم يقل يجب لأن المتابعة إنما تجب في الواجب أو الفرض، وهذا الرفع غير واجب عند الشافعي؛ وما في شرح الكيدانية للقهستاني من أنه لا تجوز المتابعة في رفع اليدين في تكبيرات الركوع وتكبيرات الجنازة فيه نظر؛ إذ ليس ذلك مما لا يسوغ الاجتهاد فيه بالنظر إلى الرفع في تكبيرات الجنازة، لما علمت من أنه قال به البلخيون من أئمتنا، وقد أوضحنا المقام في آخر واجبات الصلاة، وقدمنا أيضا شيئا منه في صلاة العيدين ‏(‏قوله‏:‏ وهو سبحانك اللهم وبحمدك‏)‏ كذا فسر به الثناء في شرح درر البحار وغيره، وقال في العناية‏:‏ إنه مراد صاحب الهداية لأنه المعهود من الثناء، وذكر في النهر أن هذا رواية الحسن عن الإمام‏.‏ والذي في المبسوط عن صاحب الرواية أنه يحمد الله‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ مقتضى ظاهر الرواية حصول السنة بأي صيغة من صيغ الحمد، فيشمل الثناء المذكور لاشتماله على الحمد ‏(‏قوله كما في التشهد‏)‏ أي المراد الصلاة الإبراهيمية التي يأتي بها المصلي في قعدة التشهد ‏(‏قوله‏:‏ لأن تقديمها‏)‏ أي تقديم الصلاة على الدعاء سنة كما أن تقديم الثناء عليهما سنة أيضا ‏(‏قوله ويدعو إلخ‏)‏ أي لنفسه وللميت وللمسلمين لكي يغفر له فيستجاب دعاؤه في حق غيره، ولأن من سنة الدعاء أن يبدأ بنفسه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا‏}‏ جوهرة، ثم أفاد أن من لم يحسن الدعاء بالمأثور يقول اللهم اغفر لنا ولوالدينا وله وللمؤمنين والمؤمنات ‏(‏قوله والمأثور أولى‏)‏ ومن المأثور‏:‏ ‏{‏اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا‏.‏ اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان‏.‏ اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار» منح، وثم أدعية أخر فانظرها في الفتح والإمداد وشروح المنية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

المراد الاستيعاب، فالمعنى اغفر للمسلمين كلهم، فلا ينافي قوله وصغيرنا قوله الآتي، ولا يستغفر لصبي‏:‏ أي لا يقول اغفر له أفاده القهستاني، والمراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات ‏{‏ألحقنا بهم ذريتهم‏}‏ ولخبر الطبراني وغيره‏:‏ «إن نساء الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين» وفيمن لا زوجة له على تقديرها له أن لو كانت ولأنه صح الخبر بأن المرأة لآخر أزواجها‏:‏ أي إذا مات وهي في عصمته وفي حديث رواه جمع لكنه ضعيف‏:‏ «المرأة منا ربما يكون لها زوجان في الدنيا فتموت ويموتان ويدخلان الجنة لأيهما هي‏؟‏ قال‏:‏ لأحسنهما خلقا كان عندها في الدنيا» وتمامه في تحفة ابن حجر ‏(‏قوله وقدم فيه الإسلام‏)‏ أي في الدعاء المأثور كما مر‏.‏ اعلم أن الإسلام على وجهين‏:‏ شرعي، وهو بمعنى الإيمان‏.‏ ولغوي، وهو بمعنى الاستسلام والانقياد كما في شرح العمدة للنسفي، فقول الشارح مع أنه الإيمان ناظر للمعنى الشرعي للإسلام، وقوله لأنه منبئ ناظر إلى المعنى اللغوي له، وقوله فكأنه دعاء في حال الحياة بالإيمان هو معنى الإسلام الشرعي، وقوله والانقياد أي الذي هو معنى الإسلام اللغوي‏.‏ ا هـ‏.‏ ح؛ وما ذكره الشارح مأخوذ من صدر الشريعة‏.‏ والحاصل أن الإسلام خص بحالة الحياة؛ لأنه المناسب لها بمعنييه الشرعي وهو الإيمان‏:‏ أي التصديق القلبي، واللغوي، وهو الانقياد بالأعمال الظاهرة، وخص الإيمان بحالة الموت لأنه المناسب لها؛ إذ لا ينبئ عن العمل بل عن التصديق فقط، ولا يمكن في حالة الموت سواه ‏(‏قوله‏:‏ بلا دعاء‏)‏ هو ظاهر المذهب، وقيل‏:‏ يقول‏:‏ اللهم آتنا في الدنيا حسنة إلخ، وقيل - ربنا لا تزغ قلوبنا إلخ، وقيل يخير بين السكوت والدعاء بحر ‏(‏قوله ناويا الميت مع القوم‏)‏ كذا في الفتح‏.‏ وقال الزيلعي‏:‏ ينوي بهما كما وصفنا في صفة الصلاة، وينوي الميت كما ينوي الإمام ا هـ‏.‏ وظاهره أنه ينوي الملائكة الحفظة أيضا، ثم رأيته صريحا في شرح درر البحار‏.‏ وذكر في الخانية والظهيرية والجوهرة أنه لا ينوي الميت‏.‏ قال في البحر‏:‏ وهو الظاهر لأن الميت لا يخاطب بالسلام حتى ينوى به إذ ليس أهلا له ا هـ‏.‏ وأقره في النهر، لكن قال الخير الرملي‏:‏ إنه غير مسلم، وسيأتي ما ورد في أهل المقبرة‏:‏ السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وتعليمه صلى الله عليه وسلم السلام على الموتى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لكن في البدائع إلخ‏)‏ قد يقال‏:‏ إن الزيلعي لم يرد دخول التسليم في الكلية المذكورة‏.‏ والذي في البدائع‏:‏ ولا يجهر بما يقرأ عقب كل تكبيرة لأنه ذكر، والسنة فيه المخافتة، وهل يرفع صوته بالتسليم؛ لم يتعرض له في ظاهر الرواية‏.‏ وذكر الحسن بن زياد أنه لا يرفع لأنه للإعلام، ولا حاجة له لأن التسليم مشروع عقب التكبير بلا فصل ولكن العمل في زماننا على خلافه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وعين الشافعي الفاتحة‏)‏ وبه قال أحمد لأن ابن عباس صلى على جنازة فجهر بالفاتحة، وقال‏:‏ عمدا فعلت ليعلم أنها سنة‏.‏ ومذهبنا قول عمر وابنه وعلي وأبي هريرة، وبه قال مالك كما في شرح المنية ‏(‏قوله بنية الدعاء‏)‏ والظاهر أنها حينئذ تقوم مقام الثناء على ظاهر الرواية من أنه يسن بعد الأولى التحميد ‏(‏قوله وتكره بنية القراءة‏)‏ في البحر عن التجنيس والمحيط‏:‏ لا يجوز لأنها محل الدعاء دون القراءة ا هـ‏.‏ ومثله في الولوالجية والتتارخانية‏.‏ وظاهره أن الكراهة تحريمية، وقول القنية‏:‏ لو قرأ فيها الفاتحة جاز أي لو قرأها بنية الدعاء ليوافق ما ذكره غيره، أو أراد بالجواز الصحة، على أن كلام القنية لا يعمل به إذا عارضه غيره، فقول الشرنبلالي في رسالته‏:‏ إنه نص على جواز قراءتها فيه نظر ظاهر لما علمته، وقوله‏:‏ وقول منلا على القارئ أيضا يستحب قراءتها بنية الدعاء خروجا من خلاف الإمام الشافعي فيه نظر أيضا لأنها لا تصح عنده إلا بنية القرآن، وليس له أن يقرأها بنية القراءة ويرتكب مكروه مذهبه ليراعي مذهب غيره كما مر تقريره أول الكتاب

‏(‏قوله وأفضل صفوفها آخرها إلخ‏)‏ كذا في القنية، وبحث فيه في الحلية بإطلاق ما في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها» وبأن إظهار التواضع لا يتوقف على التأخر‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قد يقال‏:‏ إن الحديث مخصوص بالصلاة المطلقة لأنها المتبادرة، ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من صلى عليه ثلاثة صفوف غفر له» رواه أبو داود وقال حديث حسن والحاكم وقال‏:‏ صحيح على شرط مسلم، ولهذا قال في المحيط‏:‏ ويستحب أن يصف ثلاثة صفوف، حتى لو كانوا سبعة يتقدم أحدهم للإمامة، ويقف وراءه ثلاثة ثم اثنان ثم واحد‏.‏ ا هـ‏.‏ فلو كان الصف الأول أفضل في الجنازة أيضا لكان الأفضل جعلهم صفا واحدا ولكره قيام الواحد وحده كما كره في غيرها، هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله لأنه منسوخ‏)‏ لأن الآثار اختلفت في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فروي الخمس والسبع والتسع وأكثر من ذلك إلا «أن آخر فعله عليه الصلاة والسلام كان أربع تكبيرات» فكان ناسخا لما قبله ح عن الإمداد‏.‏ وفي الزيلعي «أنه صلى الله عليه وسلم حين صلى على النجاشي كبر أربع تكبيرات وثبت عليها إلى أن توفي» فنسخت ما قبلها ط ‏(‏قوله فيمكث المؤتم إلخ‏)‏ لما كان قولهم لم يتبع صادقا بالقطع وبالانتظار أردفه ببيان المراد منه ط ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ رجحه في فتح القدير بأن البقاء في حرمة الصلاة بعد فراغها ليس بخطأ مطلقا إنما الخطأ في المتابعة في الخامسة بحر‏.‏ وروي عن الإمام أنه يسلم للحال ولا ينتظر تحقيقا للمخالفة ط ‏(‏قوله هذا‏)‏ أي عدم المتابعة ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وينوي الافتتاح إلخ‏)‏ لجواز أن تكبيرة الإمام للافتتاح الآن، وأخطأ المبلغ نقل ذلك في البحر عن شرح المجمع المكي بصيغة قالوا، ونقله في باب صلاة العيد بصيغة قيل، وكلا الصيغتين مشعر بالضعف؛ كيف وهو لا وجه له يظهر لأنه إن كان المراد أنه ينوي الافتتاح بما زاد على الرابعة كما هو المتبادر ولزم أن يأتي بعدها بثلاث تكبيرات أخر لأن نية الافتتاح لتصحيح صلاته باحتمال خطأ المبلغ، ولا صحة لها إلا بثلاث بعدها لأنها أركان، وإلا كانت نيته لغوا فكان الواجب عدمها، وإن كان المراد جميع التكبيرات فمن أين يعلم أن المبلغ يزيد على الرابعة حتى ينوي الافتتاح بالجميع، فإن احتمال الخطأ إنما ظهر وقت الزيادة‏؟‏ وإن قيل‏:‏ إنه ثابت قبلها يلزم عليه أن ينوي الافتتاح بالجميع، وإن لم يزد المبلغ شيئا، وأنه يأتي بعد الرابعة بثلاث تكبيرات أيضا، وإلا لم يكن لهذه النية فائدة، وأنه في غير صلاة الجنازة يأتي بتكبيرة أخرى لاحتمال خطأ المبلغ، ونحو ذلك يقال في تكبيرات العيد كما أشرنا إليه في بابه، ولم أر من تعرض لشيء من ذلك، ثم ظهر أنه يمكن أن يجاب باختيار الشق الأول، وأن فائدته أنه إذا زاد خامسة مثلا احتمل أن تكون التحريمة وأنه سيكبر بعدها ثلاثا أخرى وهكذا في السادسة والسابعة، فإذا سلم احتمل أن أربعا قبل السلام هي الفرائض الأصلية وأن ما قبلها زائدة غلطا، واحتمل أن أربعا من الابتداء هي الفرائض الأصلية وما بعدها زائد غلطا فإذا نوى تكبيرة الافتتاح فيما زاد على الأربع الأول قد ينفعه ذلك في بعض الصور بلا ضرر، والله أعلم

‏(‏قوله‏:‏ ولا يستغفر فيها لصبي‏)‏ أي في صلاة الجنازة ‏(‏قوله‏:‏ ومجنون ومعتوه‏)‏ هذا في الأصلي فإن الجنون والعته الطارئين بعد البلوغ لا يسقطان الذنوب السالفة كما في شرح المنية ‏(‏قوله بعد دعاء البالغين‏)‏ كذا في بعض نسخ الدرر وفي بعضها بدل دعاء البالغين‏:‏ وكتب العلامة نوح على نسخة بعد أنها مخالفة لما في الكتب المشهورة ومناقضة لقوله لا يستغفر لصبي، ولهذا قال بعضهم إنها تصحيف من بدل‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال الشيخ إسماعيل بعد كلام‏:‏ والحاصل أن مقتضى متون المذهب والفتاوى وصريح غرر الأذكار الاقتصار في الطفل على‏:‏ اللهم اجعله لنا فرطا إلخ‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وحاصله أنه لا يأتي بشيء من دعاء البالغين أصلا، بل يقتصر على ما ذكر‏.‏ وقد نقل في الحلية عن البدائع والمحيط وشرح الجامع لقاضي خان ما هو كالصريح في ذلك فراجعه، وبه علم أن ما في شرح المنية من أنه يأتي بذلك الدعاء بعد قوله ‏"‏ ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ‏"‏ مبني على نسخة بعد من الدرر فتدبر‏.‏ هذا وما مر في المأثور في دعاء البالغين من قوله وصغيرنا وكبيرنا لا ينافي قولهم لا يستغفر لصبي كما قدمناه فافهم ‏(‏قوله أي سابقا إلخ‏)‏ قال في المغرب‏:‏ اللهم اجعله لنا فرطا‏:‏ أي أجرا يتقدمنا، وأصل الفارط والفرط فيمن يتقدم الواردة ا هـ‏.‏ أي من يتقدم الجماعة الواردة إلى الماء ليهيئه لهم، ومنه الحديث‏:‏ «أنا فرطكم على الحوض» واقتصر الشارح على المعنى الثاني الذي هو الأصل، لما في البحر أنه الأنسب هنا لئلا يتكرر مع قوله ‏"‏ واجعله لنا أجرا ‏"‏‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ والذي في النهر وغيره تفسيره بالمتقدم ليهيئ مصالح والديه في دار القرار ‏(‏قوله‏:‏ وهو دعاء له‏)‏ أي للصبي أيضا‏:‏ أي كما هو دعاء لوالديه وللمصلين لأنه لا يهيئ الماء لدفع الظمأ أو مصالح والديه في دار القرار إلا إذا كان متقدما في الخير، وهو جواب عن سؤال، حاصله أن هذا دعاء للأحياء، ولا نفع للميت فيه ط ‏(‏قوله لا سيما وقد قالوا إلخ‏)‏ حاصله أنه إذا كانت حسناته‏:‏ أي ثوابها له يكون أهلا للجزاء والثواب، فناسب أن يكون ذلك دعاء له أيضا لينتفع به يوم الجزاء ‏(‏قوله واجعله ذخرا‏)‏ في الهداية والكافي والكنز وغيرها ‏"‏ واجعله لنا أجرا، واجعله لنا ذخرا ‏"‏ وفي الدرر والوقاية كما هنا ‏(‏قوله ذخيرة‏)‏ أشار إلى أن المراد بالذخر الاسم‏:‏ أي ما يذخر لا المصدر فإنه يستعمل اسما ومصدرا كما يفيده قول القاموس ذخره كمنعه ذخرا بالضم، وادخره‏:‏ اختاره، أو اتخذه‏.‏ والذخيرة‏:‏ ما أذخر كالذخر جمعه أذخار ا هـ‏.‏ قال العلامة ابن حجر‏:‏ شبه تقدمه لوالديه بشيء نفيس يكون أمامهما مدخرا إلى وقت حاجتهما له بشفاعته لهما كما صح‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مقبول الشفاعة‏)‏ تفسير لقوله مشفعا بالبناء المجهول‏.‏